يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم" ويستمر على قطعها حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، في الحج يعني إذا أهل مفرداً أو أهل قارناً، نعم ومثله المعتمر إذا انتهى إلى الحرم قطع التلبية، كل من أحرم يقطع التلبية إذا دخل إلى الحرم، لكن المفرد والقارن إذا طاف وسعى يعود إلى التلبية؛ لأنه ما زال محرماً، نعم، القارن والمفرد يعود إلى التلبية فلا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة.
كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم، ويستمر على ذلك حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ثم بعد السعي يلبي، يعود إلى التلبية؛ لأنه ما زال متلبساً بالإحرام "حتى يغدوَ من منى إلى عرفة فإذا غدا" ذهب إلى منى "ترك التلبية" وهذا في الحج، وهذا الكلام موافق لما ذكر المؤلف عن عائشة وعلي بن أبي طالب "وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم".
عرفنا متى يشرع في التلبية؟ إذا تلبس بالإحرام، ودخل في النسك، ويقطعها إذا بلغ الحرم، فإن كان معتمراً وحل من عمرته انتهت حتى يحرم بالحج، وإن كان مفرداً أو قارناً رجع إلى التلبية بعد فراغه من السعي إلى أن يرمي أو أن يبلغ جمرة العقبة، وحملنا ما ذكره المؤلف عن علي وعائشة وابن عمر على أنهم يقطعون التلبية إذا غدوا إلى عرفة للتفرغ لما ذكرنا، وإن كان مالك -رحمه الله- كأنه فهم أنهم يقطعونها ولا يعودون إليها، ثم يستمرون حتى يبلغون جمرة العقبة، وهذا هو المعروف والثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة.