وحدثني عن مالك عن الصلت بن زييد عن غير واحد من أهله أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وجد ريح طيب وهو بالشجرة وإلى جنبه كثير بن الصلت، فقال عمر: "ممن ريح هذا الطيب؟ فقال كثير: مني يا أمير المؤمنين لبدت رأسي وأردت أن لا أحلق، فقال عمر: فاذهب إلى شربة فأدلك رأسك حتى تنقيه ففعل كثير بن الصلت".
قال مالك: الشربة حفير تكون عند أصل النخلة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الوليد بن عبد الملك سأل سالم بن عبد الله وخارجة بن زيد بن ثابت بعد أن رمى الجمرة، وحلق رأسه، وقبل أن يفيض عن الطيب، فنهاه سالم، وأرخص له خارجة بن زيد بن ثابت.
قال مالك -رحمه الله-: لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب قبل أن يحرم، وقبل أن يفيض من منى بعد رمي الجمرة.
قال يحيى: سئل مالك عن طعام فيه زعفران هل يأكله المحرم؟ فقال: أما ما تمسه النار من ذلك فلا بأس به أن يأكله المحرم، وأما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في الطيب في الحج" وقوله: "في الحج" الظرفية تقتضي ما بين الدخول فيه إلى الانتهاء والفراغ من جميع أعماله، الطيب في الحج، يعني قبل أن يحرم الإنسان هل يقال له: إنه في الحج؟ وبعد أن يفرغ ويوادع هل يقال: إنه في الحج؟ لا، فالطيب في الحج بعد الإحرام وقبل التحلل منه محظور من محظورات الإحرام، لكن ماذا عن الطيب قبل الدخول في النسك وبعد التحلل منه؟ والمراد بذلك التحلل الأول على ما سيأتي.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: