"ولا يجب على صاحبه إتيان الجمعة في مسجد سواه، فإني لا أرى بأساً من اعتكافه فيه؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] فعمم الله المساجد كلها" فيدخل في ذلك مساجد الفروض، ويدخل فيها الجوامع، يدخل فيها المساجد الثلاثة، ويدخل فيها ما سواها؛ لأن الله -جل وعلا- عم المساجد كلها "ولم يخص شيئاً منها" لعدم الاحتياج إلى الخروج.
اشتراط المسجد قول عامة أهل العلم أنه لا يصح الاعتكاف إلا في المسجد، لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد، قيل عن محمد بن عمر بن لبابة أنه أجازه في كل مكان، وأجازه الحنفية للمرأة في مسجد بيتها دون الرجل، وعلى كل حال لا اعتكاف إلا في مسجد.
"قال مالك: فمن هنالك جاز له أن يعتكف في المساجد" لكن لو قدر أن شخصاً لو اعتكف في المسجد تأذى الناس بوجوده، نعم وأفتي من باب المصلحة أن يعتكف في جهة من الجهات التي لا يتأذى الناس بوجودهم فيها، ولو كانت خارج المسجد قريباً منه، هذا ليس عليه ما يدل عليه من النصوص، والمصالح والمفاسد مقدرة باعتبار أن هذه سنة وليست بواجب، ويترتب عليها مفسدة كبيرة، وقد حصل بعض الشيء بعض العلماء أفتى من يتأذى الناس بوجوده إما لكثرة الاحتياط عليه، أو كثرة الأتباع.
"قال مالك: فمن هنالك جاز له أن يعتكف" هذا من النظر في المصالح، لكن عموماً المصالح إذا خالفت الأدلة لا ينظر إليها، وحينئذٍ تكون الفتوى باطلة، لكن من ناحية أخرى هذه سنة، إن حصل له أجرها فبها ونعمت، وإلا حصل له أجر القصد، بخلاف من أفتى من وجبت عليه الكفارة، أفتاه بالصيام قبل العتق، يقول ... -على ما مضى شرحه- من علماء الأندلس من أفتى في كفارة الوطء في نهار رمضان، قال: تصوم شهرين متتابعين، يعني يجب عليه أن يعتق، فإن لم يجد يصوم شهرين متتابعين، قال: لو قلنا له: يعتق، كان يطأ كل يوم، العتق سهل بالنسبة له، لكن كيف يصوم شهرين متتابعين وهو أمير؟ فالنظر في المصالح إذا لم تعارض النصوص، نعم؟
طالب: إذا كان مسجد؟
هو مسجد على كل حال، لكن المسجد الذي تعطلت منافعه بحيث لا يصلى فيه البتة ليس بمسجد هذا.