استعمال القياس لأنه استعمل مقدمة ليقيس عليها مقدمة أخرى، يعني كما استعمل القياس في النتائج يستعمل القياس في المقدمات كما هنا، أحياناً تمنع بعض المقدمات المفضية إلى الحرام؛ ولأن الوسائل لها أحكام المقاصد؛ لكن لماذا لا نقول: أن القبلة وسيلة للجماع، والمضمضة وسيلة إلى الشرب، والوسائل لها أحكام المقاصد؟ نقول: الوسائل لها أحكام المقاصد إذا غلب على الظن أن تفضي هذه الوسيلة إلى المقصد، أما إذا غلب على الظن أن هذه الوسيلة لا تفضي إلى المقصد، الآن النظر، نظر الرجل للمرأة والعكس ممنوع؛ لأنه وسيلة إلى المحرم؛ لكن يقول: أنا أبي أنظر وأجزم أنه ما حصل شيء، ولن تفضي هذه إلى المحرم، نقول: هذه الوسيلة جاء النص بمنعها {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النور] {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النور] فالمنع عن الوسيلة لذاتها، وإن كانت في الأصل إنما منع منها لأنها مفضية على المحرم، فإذا غلب على الظن أن هذه الوسيلة تجر إلى المحرم منعت، ولو لم ينص على منعها.
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت إذا ذكرت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم تقول: "وأيكم أملك لنفسه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
قال يحيى: قال مالك: قال هشام بن عروة: قال عروة بن الزبير -رحمه الله تعالى-: "لم أر القبلة للصائم تدعو إلى خير".
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- سئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ، وكرهها للشاب".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان ينهى عن القبلة والمباشرة للصائم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في التشديد في القبلة للصائم: