وأضيفت الزكاة هذه للفطر لوجوبها به، فهي من إضافة إيش؟ المسبب لسببه، فهذه الزكاة سببها الفطر من رمضان، وهو وقت الوجوب، والفطر من رمضان يكون بغروب الشمس ليلة العيد، وبهذا قال جمع من أهل العلم، وإن كان بعضهم يرى أنها إنما تجب بطلوع الفجر من يوم العيد؛ لأن الليل ليس وقتاً للصيام، فلا تنسب إليه هذه الزكاة، أضيفت هذه الزكاة للفطر لوجوبها به، يعني أن سبب الوجوب الفطر من رمضان.

وقال ابن قتيبة: المراد بزكاة الفطر زكاة النفوس، مأخوذة من الفطرة التي هي أصل الخلقة، وهذا يقويه قول من يقول: إنها زكاة البدن، وعلى هذا أنها تجب في المكان الذي فيه البدن بخلاف زكاة المال فإن وجوبها في المكان الذي فيه المال.

كون الوجوب مرتبط بالفطر من رمضان لا بالفطرة التي هي أصل الخلقة أظهر؛ لأنه جاء في آخر الباب فرض زكاة الفطر من رمضان، وزكاة الفطر واجبة بالإجماع، فيما حكاه ابن المنذر وابن عبد البر مضعفاً قول من قال بالسنية؛ لأن الحديث: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" والفرض هو الإلزام والإيجاب، وبعضهم يرى أن الفرض التقدير، فرض يعني قدر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن هذا الاحتمال وإن كان في الأصل مقبول، يعني لأن فرض يأتي بمعنى أوجب وألزم وقدر، لكن قوله: "على الناس أو على المسلمين" هذه الصيغة صيغة وجوب، إذا قيل: عليك أن تفعل كذا، يعني يجب عليك أن تفعل كذا، فهذا يرفع الاحتمال الثاني.

في حديث عائشة: أول ما فرضت الصلاة ركعتين، الحنفية يرون أن فرضت أوجبت، فهم يرون وجوب القصر، والجمهور يقولون: فرضت يعني قدرت، والفرق بين حديث عائشة وهذا الحديث: أن هذا الحديث فيه: "على الناس" كما في قوله -جل وعلا-: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} [(97) سورة آل عمران] فهذا لفظ وجوب، وهذا يؤيد الاحتمال الثاني.

بعضهم قال بالسنية، وقال ابن علية والأصم أن وجوبها نسخ، هي منسوخة نسخت بالزكاة، وفي هذا حديث عند النسائي عن قيس بن سعد بن عبادة قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا، ونحن نفعله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015