"أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل الله، فأراد أن يبتاعه -يعني يشتريه- فسأل عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تبتعه ولا تعد في صدقتك)) " في رواية البخاري، وفي ذلك كان ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- لا يترك أن يبتاع شيئاً تصدق به إلا جعله صدقة، لا يترك ابن عمر، هذا في البخاري، لا يترك أن يبتاع شيئاً تصدق به إلا جعله صدقة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا من هو؟

طالب:. . . . . . . . .

يشتريه ويتصدق به ثانية، نعم.

يقول ابن حجر: كأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو لمن أراد أن يتملكها، لا لمن أراد أن يتصدق بها، يعني هو لا يحوز شيئاً لحظ نفسه بهذا التصرف، إنما تصدق بها في المرة الأولى ونال أجرها، فأراد أن يتصدق بها ثانية لينال أجرها، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هو العموم يدخل في مثل هذه الصورة، لكن إذا أراد أن يتصدق بها بالكلية، ما هي بنظير ما قلنا فيمن قربت عليه زكاة عرض من عروض التجارة فتصدق به بالكلية، كامل، وعموم الحديث -خبر عمر- يشمل هذا وهذا، يشمل من أراد أن يتصدق، من أراد أن يهب، من أراد أن يبيع، من أراد أن يتملك يشمل الجميع؛ لأنه يصدق عليه أنه اشترى صدقته، فعموم الحديث يشمل مثل هذا.

ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- فهم أنه إذا أراد أن يشتريها ليتملكها بخلاف ما إذا أراد أن يتصدق بها ثانية، فإذا أحسن على الأول بهذه الصدقة، ثم أحسن عليه بقيمتها، ثم أحسن على شخص ثالث بالصدقة بها مرة ثانية، هذا فهمه -رضي الله تعالى عنه-، ومن حيث المعنى معقول، لكن عموم الحديث يشمل مثل هذه الصورة.

"قال يحيى: سئل مالك عن رجل تصدق بصدقة فوجدها مع غير الذي تصدق بها عليه تباع أيشتريها؟ فقال: "تركها أحب إلي" وهذا من الورع، تركها أحب إلي؛ لأنه لا فرق بين اشترائها من نفس من تصدق بها عليه، أو من غيره في المعنى، وكل هذا حسماً للتحايل على الرجوع في الصدقة، وسداً لباب ذلك التصرف.

المقصود أن مثل هذا الباب ينبغي حسمه، ومن يتصدق بشيء أو يبيع سلعة مثلاً قد يجد في نفسه الرغبة فيها بعد ذلك، فيتمنى أن يجدها تباع فيشتريها محتاجاً لها، وقد ترتفع العلة، لكن كل هذا من باب حسم المادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015