والجزية مأخوذة من التجزئة كما قال ابن احجر، وهي التقسيم، وقيل: من الجزاء؛ لأنها تؤخذ من هؤلاء جزاءً لتركهم في بلاد المسلمين، وحكمتها ظاهرة، وهي أن الذل الذي يلحقهم بسببها والصغار يحملهم على الدخول في الإسلام، وأيضاً تركهم وإبقاؤهم في بلاد المسلمين في مقابل بذلها من أجل أن يتم لهم النظر في الدين، من خلال معاشرة أهله، والاطلاع على الدين المطبق عملياً، ولذا من يخالف ويرتكب ما حرمه الله -جل وعلا- سواءً كان مما يتعلق بالمعاملة مع الله -جل وعلا-، أو معاملة مع خلقه، مثل هذا يصد عن الدين بفعله، ولذا كان انتشار الإسلام بعد عصر الخلفاء الراشدين في البلدان القاصية إنما كان عن طريق التجار، حيث دعوا الناس بأفعالهم قبل أقوالهم، لما رأوا الناس حسن التعامل من هؤلاء أعجبهم ما هم عليه من أخلاق، ومن التزام واستمساك بدينهم، فدخلوا في الدين، مع الأسف الشديد أن حال كثير من المسلمين في العصور المتأخرة ساهم في الصد عن دين الله، حتى قال القائل –وإن كان عاد بالغ في هذا-: إنه في بلاد المسلمين إسلام بلا مسلمين، وفي بلاد الكفار مسلمين بلا إسلام، لكن هذا الكلام ما هو بصحيح، وإن كان تعاملهم في الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
إن كان تعاملهم في الظاهر، يعني عندهم التزام بمواعيدهم، صدق في المعاملة هذه دعوة لأديانهم.
طالب:. . . . . . . . .