وليس على أهل الذمة، ولا على المجوس في نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا مواشيهم صدقة؛ لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيراً لهم، ورداً على فقرائهم، ووضعت الجزية على أهل الكتاب صغاراً لهم، فهم ما كانوا ببلدهم الذين صالحوا عليه ليس عليهم شيء سوى الجزية في شيء من أموالهم، إلا أن يتجروا في بلاد المسلمين، ويختلفوا فيها فيؤخذ منهم العشر فيما يديرون من التجارات، وذلك أنهم إنما وضعت عليهم الجزية، وصالحوا عليها على أن يقروا ببلادهم، ويقاتل عنهم عدوهم، فمن خرج منهم من بلاده إلى غيرها يتجر بها فعليه العشر، من تجر منهم من أهل مصر إلى الشام، ومن أهل الشام إلى العراق، ومن أهل العراق إلى المدينة أو اليمن أو ما أشبه هذا من البلاد فعليه العشر، ولا صدقة على أهل الكتاب ولا المجوس في شيء من أموالهم، ولا من مواشيهم ولا ثمارهم ولا زروعهم، ومضت بذلك السنة، ويقرون على دينهم ويكونون على ما كانوا عليه، وإن اختلفوا في العام الواحد مراراً في بلاد المسلمين فعليهم كلما اختلفوا العشر؛ لأن ذلك ليس مما صالحوا عليه، ولا مما شرط لهم، وهذا الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب جزية أهل الكتاب والمجوس:
أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وأما المجوس فهم أمة من الناس أصل الكلمة فارسية، يعبدون النار، وقد جاء الأمر بإلحاقهم بأهل الكتاب ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)) حتى قال بعض أهل العلم أنهم كان عندهم كتاب أو شبهة كتاب.
من قال: إن عندهم كتاب ثم رفع هذا الكتاب بسبب معصية حصلت من رأسهم ورئيسهم، حينما وقع على محرمه، ثم تتابعوا على هذا في نكاح المحارم -نسأل الله السلامة والعافية-.