والخلطة والاختلاط: الامتزاج، والخلطاء جمع خليط، لا شك أن للخلطة أثر في الصدقة، في تشديدها وتخفيفها، وبهذا يقول جمهور أهل العلم، وجاء التصريح بعدم الجمع والتفريق خشية الصدقة في الكتابين المشار إليهما، فيمنع الجمع والتفريق خشية أن تزيد الصدقة، يمنع صاحب المال ألا يجمع ولا يفرق خشية أن تزيد عليه الصدقة، كما أنه يمنع الساعي وجابي الزكاة أن يفرق، أو يجمع خشية أن تقل الصدقة.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى- ... ، وقبل ذلك أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- لا يرى أثر للخلطة، إنما الأثر للشركة.
"قال يحيى: قال مالك في الخليطين" متى تكون الخلطة؟ إذا اشتركا المالان فيما يأتي، في الراعي، راعيهما واحد، ما يكون راعي زيد خاص، وراعي مواشي عمرو خاص؛ لأنه إذا كان الراعي مختلف تميزت الأموال، ولم تحصل الخلطة، والفحل واحداً، بمعنى أن الفحل الذي يطرق هذه المواشي لا بد أن يكون واحداً، أما إذا تميزت هذه المواشي كل قسم منها بفحل خاص، فليست بخلطة، والمراح واحد، وهو الذي تأوي إليه للمبيت، سواءً كان بالليل أو في القائلة، والدلو واحد، بمعنى أنها تسقى من ماء واحد، بدلو واحد، فإذا اشتركت في هذه الأمور صارت خلطة معتبرة مؤثرة، وإذا اختلفت في أي من هذه الأمور فتنتفي الخلطة؛ لأنه إذا كان الراعي مختلف فلا خلطة، هذا يرعى وهذا يرعى، كل في فاله، وإذا كان الفحل مختلف هذا الفحل يطرق مال فلان، والفحل الثاني خاص بأموال فلان فلا خلطة.
ومثله إذا كان مراحها ومأواها للمبيت تسرح جميع، ولكن إذا رجعت، مواشي زيد لها مأوى، ومواشي عمرو لها مأوى فلا خلطة، وكذلك الدلو، وهو آلة الاستقاء، إذا اشتركت في هذه الأمور فالرجلان خليطان، ويصير المالان حينئذٍ كالمال الواحد، فتؤثر فيها هذه الخلطة في تخفيف الزكاة وتشديدها، على ما سيأتي تفصيله.