وأما وضع اللغة: فإن بعض العلماء يقول: الألفاظ الواردة في الصحيح في زكاة العين لا تشمل الحلي في لسان العرب، قال أبو عبيد: الرقة عند العرب الورق المنقوشة ذات السكة السائرة بين الناس، ولا تطلقها العرب على المصوغ، وكذلك قيل في الأوقية.
قال مقيده -عفا الله عنا وعنه-: ما قاله أبو عبيد هو المعروف في كلام العرب، قال الجوهري في صحاحه: الورق الدراهم المضروبة، وكذلك الرقة، والهاء عوض عن الواو، مثل العدة والزنة، وفي القاموس: الورق مثلثة، وككتف الدراهم المضروبة، وجمعها أوراق.
هذا هو حاصل حجة من قال: لا زكاة في الحليّ.
وما ادعاه بعض أهل العلم من الاحتجاج لذلك بعمل أهل المدينة فيه أن بعض أهل المدينة مخالف في ذلك، والحجة بعمل أهل المدينة عند من يقول بذلك كمالك إنما هي في إجماعهم على أمر لا مجال للرأي فيه، لا إن اختلفوا، أو كان من مسائل الاجتهاد.
وأما حجة القائلين بأن الحلي تجب فيه الزكاة فهي منحصرة في أربعة أمور أيضاً:
الأول: أحاديث عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أوجب الزكاة في الحلي.
الثاني: آثار وردت بذلك عن الصحابة.
الثالث: وضع اللغة.
الرابع: القياس.
ثم ذكر الأحاديث: منها ما رواه أبو داود في سننه قال: حدثنا أبو كامل وحميد بن مسعدة ... حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. وقد ذكرناه، وهذا الذي ضعفه الترمذي، لكنه من طريق حسين المعلم؛ لأن الترمذي ذكره من حديث ابن لهيعة، ومن حديث المثنى بن الصباح، وضعفهما, وضعف الحديث بهما، لكن خفي عليه حديث حسين.
وقال النسائي في سننه: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا خالد عن حسين عن عمرو بن شعيب ... إلى آخره، ثم قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ...
يقول: وهذا الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي من طريق حسين المعلم عن عمرو بن شعيب أقل درجاته الحسن، وبه تعلم أن قول الترمذي -رحمه الله-: لا يصح في الباب شيء غير صحيح؛ لأنه لم يعلم برواية حسين المعلم له عن عمرو بن شعيب، بل جزم بأنه لم يروِ عن عمرو بن شعيب إلا من طريق ابن لهيعة والمثنى بن الصباح، وقد تابعهما حجاج بن أرطأة، والجميع ضعاف.