"فإذا قال: نعم، أخذ من عطائه زكاة ذلك المال الذي عنده، وإن قال: لا، أسلم إليه عطاءه" ولا يحتاج أن يحضر بينة، ولا يستحلف إلا إذا شك في أمره، يعني ظاهره الثراء قيل: عندك زكاة؟ قال: أنا والله ما أملك شيء، فمثل هذا قد تطلب منه البينة، وقد يستحلف، لا سيما إذا ظهرت عليه أمارات وقرائن تدل على أنه عنده أموال ولا يزكيها، بدليل أن الذي يدعي أنه أصابته فاقة مثلاً، وظاهره على خلاف ما يدعيه أنه لا يقبل قوله حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجا، وإلا فالأصل أنه لو جاء شخص لم يعرف بغنى، وطلب الزكاة، وظاهره يدل على ذلك يعطى، من غير بينة ولا استحلاف، لكن إذا كان ظاهره على خلاف ما يدعيه، فلا بد من التأكد من حاله ووضعه.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عمر بن حسين بن عبد الله الجمحي -مولاهم- عن عائشة بنت قدامة" بن مضعون، وهي صحابية وأبيها صحابي "عن أبيها أنه قال: كنت إذا جئت عثمان بن عفان في خلافته أقبض عطائي، سألني هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة؟ قال: فإن قلت: نعم، أخذ من عطائي زكاة ذلك المال، وإن قلت: لا، دفع إلي عطائي".

يعني كاملاً، وصنيع عثمان مثل صنيع أبي بكر -رضي الله تعالى عنه-، فالإنسان يصدق في ديانته، وعلى هذا لو قيل لفلان: صليت يا فلان؟ قال: نعم، ما يقال له: احلف أنت صليت وإلا ما صليت؟ هذه ديانة بين المرء وربه، ديانة بين العبد وربه، إلا إذا ظهرت عليه أمارات تدل على أنه كاذب حينئذٍ يحتاط في أمره.

الزكاة وإن كان وجوبها في عين المال إلا أن لها تعلقاً بالذمة، وهذا يدل على أن صنيع أبي بكر، وصنيع عثمان يدل على أن الزكاة تؤخذ من غير المال، إذا كان من جنسه فلا إشكال، يعني زكاة فلان عشرة آلاف من ماله الذي في محله التجاري، فطلبت منه عشرة آلاف، قال: والله ما عندي شيء، خلوني أبيع هذه السيارة ومن ثم أعطيكم قيمتها، هل يقال: لا، لا تعطينا إلا من نفس المحل؟ لا ما يلزم، بدليل أن أبا بكر من الأعطية يحسم الزكاة ليست من عين المال، نعم الوجوب الأصلي في عين المال، ولها تعلق بالذمة، والأموال من جنس واحد ينوب بعضها عن بعض.

يقول: ألا يفرق بين الملي الباذل وغير الباذل؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015