"أنه سأل القاسم بن محمد عن مكاتَب له قاطعه بمال عظيم" قاطعه كيف قاطعه؟ يعني اتفق معه على مال عظيم، وما زالت هذه اللفظة دارجة، قاطعه هذه اتفق معه، نعم؟ لفظة دارجة، قاطعه بمال عظيم، لكن هل الآن هذه المكاتبة ابتداءً بمعنى أنه اتفق معه على مال يدفعه له نجوم، كما هو شأن الكتابة، أو إنما هو تعجيل ما بعض ما اتفقا عليه؟ كأن يكونا اتفقا على ألف مثلاً مؤجلة، كل سنة مائة، فقال: تعطيني خمسمائة حالة، وننتهي، يعني كالدين ضع وتعجل، كأن ابن عبد البر فهم هذا، أنه اتفق معه على بعض ما اتفقا عليه؛ ليكون معجلاً، فهل فيه زكاة؟ كل منهما مستفيد، المكاتب يتعجل المالك الدائن، والمكاتب كالمدين يقل عليه الدين، وفيه رفق بالطرفين، فهل فيه زكاة؟
"قاطعه بمال عظيم هل عليه فيه زكاة؟ فقال القاسم: "إن أبا بكر الصديق لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول" واشتراط الحول مجمع عليه في الماشية والنقد والمعشرات، لكن بالنسبة لما يخرج من الأرض فزكاته {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] فالحول ثابت بالنصوص المرفوعة، وهو مجمع عليه بالنسبة لما عدا الخارج من الأرض.
"لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول" وهذا الجواب جواب القاسم بن محمد بفعل أبي بكر -رضي الله تعالى عنه-، وفعل صحابي من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالاهتداء بهديهم، والاستنان بسنتهم، وجاء فيه الحديث الصحيح المرفوع، حتى يحول عليه الحول، فعلى هذا إذا قبض المال، إذا قبض المال سواءً كان كراء، أجرة، أو قسط، أو تعجيل لدين كما هنا، والدين يختلف وضعه من مليء وغير مليء، فالدين على المليء يزكى في وقته، كلما حال عليه الحول يزكى، والدين على المعسر ينتظر حتى يقبض فيزكيه إذا قبضه، وهنا مال معجل قبل استحقاقه فلا زكاة فيه إذا قبض حتى يحول عليه الحول.
قال -رحمه الله-: