((بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض)) وأنا فرطهم يعني متقدمهم، والأصل في الفرط الذي يتقدم القوم بحثاً عن مكان النزول المناسب، وعن أماكن الماء والموارد، هذا يسمونه فرط، والطفل إذا تقدم أبويه يقال له: فرط.
((وأنا فرطهم على الحوض)) والحوض معروف للنبي -عليه الصلاة والسلام- جاء وصفه في صحيح السنة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [(1) سورة الكوثر] وتواترت الأخبار بثبوت الحوض، ومن يشرب منه.
"فقالوا: يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ " كيف تعرف؟ يعني أشخاص لم ترهم، كيف تعرفهم؟ "قال: ((أرأيت)) " "فقالوا: يا رسول الله ... " "قال: ((أرأيت)) " قالوا، قال: ((أرأيت)) الأصل أن يقول: أرأيتم، لكن كأن السائل واحد مع سكوت الجميع، فينسب إليهم، ولذا خص بالخطاب: أرأيت.
((أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم)) غر: في نواصيه البياض، محجلة: في أطرفها بياض، في خيل دهم، لا يخالطها لون أخر، والدهمة: السواد، أو ما يقرب منها من الألوان، فهذه الخيل السوداء، أو ما يقرب منها إذا لم يخالطها بياض، إذا وجد معها ما خالطه البياض تميزت عن غيرها.
((ألا يعرف خيله؟ )) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من الوضوء)) غراً محجلين، الغرة: البياض في الوجه، الجبهة، والتحجيل: في الأطراف في اليدين والرجلين من الوضوء، أخذ منه بعضهم أن الوضوء من خصائص هذه الأمة؛ لأنه إذا كان غيرهم يتوضؤون ما صار لهذه الأمة مزية يعرفون بها، مع أنه ثبتت الأحاديث بأن الأمم السابقة كانت تتوضأ، في قصة جريج توضأ، في قصة سارة زوجة إبراهيم -عليه السلام- توضأت، وفي الحديث: ((هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي)) فعلى هذا تكون خصيصة هذه الأمة في الغرة والتحجيل من أثر الوضوء، مع أنه لم تأت، أو لم يأت بيان صفة وضوء الأمم السابقة، قد يكون وضوؤهم ليس على الصفة التي فرضت علينا.