((وددت إني قد رأيت إخواننا)) يقوله الرسول -عليه الصلاة والسلام-، تمنى أن رأى من يأتي بعده من أتباعه، كما أن المسلم في أي عصر يتمنى أن لو رأى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وخدم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا التمني هل يدخل في النهي الوارد {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [(32) سورة النساء]؟ الصحابة فضلوا علينا، فهل تمنينا الصحبة ورؤية النبي -عليه الصلاة والسلام-، وخدمة النبي -عليه الصلاة والسلام- من المنهي عنه {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [(32) سورة النساء]؟ الآية ليست على عمومها، الرسول -عليه الصلاة والسلام- تمنى الشهادة، تمنى أنه يقتل في سبيل الله، ثم يحيا، ثم يقتل، تمنى الخير، ولو تمنى الإنسان أن لو كان مثل فلان الذي يعمل بعمل الخير صار له مثل أجره، لكن على الإنسان أن يرضى ويسلم بما كتب الله له، وما يدريك أن لو عاش في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وصار في عداد المنافقين، ما يدريك؟ لكن على الإنسان أن يرضى ويسلم ويعمل.

((وددت أني قد رأيت إخواننا)) قالوا: يا رسول الله ألسنا بإخوانك؟ قال: ((بل أنتم أصحابي)) يعني أنتم لكم مرتبة وشرف ومزية غير مزية وشرف الإخوان، فالصحبة شرف لا يدانيه شرف، وفضل لا يلحقه فضل، فأدنى الصحابة خير من أفضل من يأتي بعدهم ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم)) وهذا معروف قول عامة أهل العلم أن الصحابة أفضل من غيرهم مطلقاً، وإن كان ابن عبد البر يرى أنه قد يأتي بعد الصحابة ممن هو أفضل من بعض الصحابة، هذا رأي له، ويستدل بأحاديث منها تفضيل العمل في آخر الزمان، وأن العامل له أجر خمسين، ومنها .. ، نصوص، لكن وجه التفضيل في العمل، العمل في آخر الزمان مع قلة الأعوان، وكثرة الصوارف والملهيات والمشغلات والفتن أفضل منه في الوقت الذي يكثر فيه المعين والمساعد، ويبقى فضل الصحبة لا يدانيه أي عمل، ولا يقرب منه أي عمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015