وكره بعض العلماء الصلاة على الميت في المسجد لما يخشى من تلويثه؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أذنهم وأعلمهم ونعى لهم النجاشي وخرج بهم إلى المصلى، وعرفنا أنه خرج بهم إلى المصلى ليشتهر أمر النجاشي؛ وليعلن إسلامه لأن كثير من المسلمين لا يدري هل هو أسلم أم لا؟ وليكثر الجمع عليه لما قدمه من أيادٍ في خدمة هذا الدين، فهو رد نافع لهذه الأمة، والحديث وإن كان منقطعاً عند جمهور رواة الموطأ إلا أنه موصول في صحيح مسلم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: صلي على عمر بن الخطاب في المسجد" وروى ابن أبي شيبة أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد، وأن صهيباً صلى على عمر في المسجد، في ذلك دليل على جواز الصلاة على الميت في المسجد، وأما ما يخشى من احتمال تلويث المسجد فهذا احتمال ضعيف مع أنه يحتاط لهذا عند الغسل، فتعمل كافة الاحتياطات، بحيث لا يخرج شيء منه بعد الغسل, وعلى كل حال السنة الثابتة في جواز الصلاة على الميت في المسجد، ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وفعل صحابته من بعده.
سم.
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- وأبا هريرة -رضي الله عنه- كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة الرجال والنساء، فيجعلون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه.
وحثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر، قال يحيى: سمعت مالكاً -رحمه الله- يقول: لم أر أحداً من أهل العلم يكره أن يصلى على ولد الزنا وأمه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الصلاة على الجنائز"