"بلا ترداد فالتزم" يعني امتثل الأمر بدون تردد، واجتنب النهي بدون خيرة، كما قال ابن مسعود وغيره: "إذا سمعت الله -جل وعلا- يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} فإنما هو إما أن يكون خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه" وحينئذٍ لا تتردد في الامتثال.
وما تشابه فوض للإله ولا ... تخض فخوضك فيه موجب النقم
وما تشابه، المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله هذا لا تتعب في إدراكه، فالقول في المتشابه وإن اختلف أهل العلم يعني هل الراسخون في العلم يعلمون المتشابه أو لا يعلمون؟ وهذا يتبع الوقف في {إِلاَّ اللهُ} وهل الواو في {وَالرَّاسِخُونَ} [(7) سورة آل عمران] عاطفة أو استئنافية؟ فالذي يقول: عاطفة يقول: الراسخون في العلم يعلمون المتشابه، والذي يقول: استئنافية يقول: لا يعلم المتشابه إلا الله -جل وعلا-، حتى الراسخين في العلم دورهم يقولون: آمنا به فقط، وعلى كل حال التشابه والإحكام أمور نسبية، فينظر في أقوال أهل العلم في مراد الله -جل وعلا- في هذه الآية، فإذا استغلقت عليه، ولم يستطع الوصول إلى قول راجح صائب فيها، صارت بالنسبة له من المتشابه، وإذا بان له معناها من خلال كلام أهل العلم صارت من المحكم.
وما تشابه فوض للإله ولا ... تخض فخوضك فيه موجب النقمِ
ولا تطع قول ذي زيغ يزخرفه ... من كل مبتدع في الدين متهمِ
يعني البدع لها بريق، ولها نفوذ إلى القلوب، وأهل البدع وأهل الزيغ تجد كثيراً منهم قد أعطي من الذكاء ما يستطيع به الولوج إلى القلوب، لكنه لم يعطَ الزكاء الذي به يفرق بين القول الحق والباطل، وإذا قرأت في كلام أهل الكلام انبهرت، لكن إذا عرضته على ميزان الكتاب والسنة ما وجدت شيء، ووجدت في نهايته الضلال المبين، حتى أن هؤلاء المتكلمين كثير منهم رجع، كثير منهم ندم عند موته.
ولا تطع قول ذي زيغ يزخرفه ... من كل مبتدع في الدين متهمِ
حيران ضل عن الحق المبين فلا ... ينفك منحرفاً معوج لم يَقُمِ