ثم ماذا إذا عد من أثرياء العالم وصار يتخبط بهذا المال يقوي جوانب الشرور، ويستعمله في إضعاف الخير وأهله؟ إن دعي إلى خير امتنع، وإن دعي إلى مخالفة بادر -نسأل الله السلامة والعافية- كما هو حال كثير ممن رأى نفسه قد استغنى {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [(6 - 7) سورة العلق] وهذا هو حال كثير من الناس، كثير من الناس ابتلي بالمال لكنه أخفق، وكثير من الناس ابتلي بالفقر وصبر، والصبر على الفقر أسهل من الصبر على توجيه الأموال فيما يرضي الله -جل وعلا-، وإن كان يوجد ممن استغل هذا المال في مراضي الله -جل وعلا-.

. . . . . . . . . ... كلا ولا الجمع للأموال والخدمِ

فكل مجد وضيع عند مجدهمو ... . . . . . . . . .

يعني تنظر إلى العالم في ثيابه الرثة، في هيئته المتواضعة، في جسمه، وتنظر أصحاب الأموال في أبهاتهم، وتنظر أصحاب المناصب العالية في أبهة، وفي غاية من المجد القريب الذي يراه الناس.

"فكل مجد وضيع" هذا هو الحاصل، تجد الله -جل وعلا- يزرع الهيبة في قلوب أرباب الدنيا لأهل العلم، الواقع شاهد بذلك، ولا شك أن أصحاب المناصب العالية لا سيما إذا كان عندهم شيء من العقل، وشيء من الحكمة يقدمون أهل العلم، إما ابتغاءً لوجه الله -جل وعلا- يتقربون بذلك قربة، وهذا موجود، أو لجعلهم واسطة بينهم وبين عامة الناس؛ لأن عامة الناس يثقون بأهل العلم، فإذا رأوا هذا الوالي يقدر أهل العلم قرب من قلوبهم؛ لأنه إذا كان يقدر من تحب فلا شك أنك سوف تحبه وتجله وتقدره، يعني إذا رأيت من يحترم والدك، يعني الأصل أنك ما تعرفه، أو حتى بينك وبينه خلاف، ثم رأيت هذا الشخص يقدر والدك ويعظمه ويحترمه، لا شك أنك تميل إليه، فإذا كان الوالي يقدم هذا العالم قربة إلى الله -جل وعلا- هذا ما فيه إشكال، وهو المفترض في والٍ مسلم، لكن إذا كان يقدمه ليجعله واسطة بينه وبين الناس يرضي به الناس، هذا أيضاً موجود، هذا من العقل، هذا من الحكمة، بخلاف ما إذا نفض يده من أهل العلم، ومن أهل الخير والصلاح، هذا ليست عنده شيء من الحكمة.

فكل مجد وضيع عند مجدهمو ... وكل ملك فخدام لملكهمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015