ومن الطرائف ما ذكره أهل العلم أن مرجياً مر بشارب -شارب خمر- فسبه وشتمه، فقال له المرجئ: هذا جزائي أحكم لك بأن إيمانك مثل إيمان جبريل وتشتمني! كامل الإيمان ولو شربت الخمر! لا شك أن مثل هذا ضلال مبين، مثل هذا تضييع للدين، يعني لماذا يعمل الإنسان؟ لماذا يصلي؟ لماذا يصوم؟ لماذا يزكي؟ لماذا يكف شره عن الناس؟ لماذا يتعامل مع نفسه مع أهله مع جيرانه وهو كامل الإيمان بدون هذا كله؟ ولذلك قال الناظم:

ولا تكن مرجياً لعوباً بدينه ... . . . . . . . . .

هذا يضحك على نفسه إذا قال: إنه مؤمن ولا يعمل شيء، الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، والعمل ركن من أركان الإيمان وشرط، وجنسه شرط صحة على ما قرر شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-.

ولا تكُ مرجياً لعوباً بدينه ... ألا إنما المرجي بالدين يمزحُ

ما هو بجاد، ليس بجاد، هازل وليس بجاد، كيف يزعم أنه متمسك بالدين وهو لا يصلي، متمسك بالدين وهو لا يصوم ولا يزكي، متمسك بالدين ويرتكب المحرمات، وجاء في ترجمة بعض من تزعم فيهم الولاية في طبقات الصوفية، قال: وكان -رضي الله عنه- لا يصلي، ما سجد لله سجدة، ولا صام ولا يوم، وكان -رضي الله عنه- يفعل ويفعل من المنكرات والفواحش، وكان -رضي الله عنه- جاء واحد معلق بالقلم يقول: إذا كان هذا -رضي الله عنه- فلعنة الله على من؟! ما بقي أحد، إذا كان مثل هذا -رضي الله عنه-.

ولا تك مرجياً لعوباً بدينه ... ألا إنما المرجي بالدين يمزحُ

وقل إنما الإيمان قول ونية ... وفعل على قول النبي مصرحُ

هذا تعريف الإيمان عند أهل السنة، وهذه حقيقته الشرعية الإيمان قول وعمل، قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان.

فالقول يشمل قول اللسان وقول القلب، والنية محلها القلب، والفعل فعل القلب واللسان وفعل الجوارح، فلا بد من الاعتقاد بالقلب، ولا بد من القول والنطق باللسان، ولا بد من العمل بالأركان.

سئل الإمام أحمد عن من يقول: قالوا: إن فلاناً يقول: الإيمان قول وعمل، قال -رحمه الله-: هذا أخبث قول، قول وعمل، هذا أخبث قول، ماذا يريد الإمام أحمد -رحمه الله- بهذا الكلام؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015