هذه الميزان الله -جل وعلا- لا يحتاج إليه؛ لأنه يعلم ما سيكون، وما يؤول إليه الأمر من رجحان الحسنات على السيئات أو العكس، لكنه من باب خروج أو باب ظهور الأمر من الغيب إلى الشهادة؛ لأنه لو اكتفي بعلم الله -جل وعلا- لادعى من يدعي أنه مظلوم، لكن إذا رأى أمام عينيه، شاف الميزان وقيل له: هذه حسناتك بقي منها شيء؟ يقول: لا، هذه سيئاتك؟ يقول: لا، لكنه بعد ذلك إذا رجحت الحسنات وقرر بسيئاته، عملت كذا يوم كذا نعم عملت، عملت كذا، فإذا رجحت كفة الحسنات وبدلت السيئات، وغفرها الله -جل وعلا- وتجاوز عنها، قال: لا، لي سيئات غير هذه، يطمع، المقصود أن الأعمال توزن، وصاحب العمل جاء ما يدل على وزنه أيضاً، يؤتى بالرجل السمين يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة، هذا يدل على أن الإنسان قد يوزن.

"والميزان إنك تنصحُ" تنصح بأن تعتقد هذه الأمور، ولذا قوله: "وقل" "ولا تنكرن" هذه أوامر ونواهي من مساوٍ، لكنه يتحدث بها على لسان الشرع الذي جاء بوجوب التزامها واعتقادها، وأما بالنسبة لمن يألف مثل الناظم ويأمر وينهى هذا مجرد ناصح، مبين للناس.

. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . إنك تنصحُ

وقل: يخرج الله العظيم بفضله ... من النار أجساداً من الفحم تطرحُ

على النهر في الفردوس تحيا بمائه ... كحب حميل السيل إذ جاء يطفحُ

جاء أن العصاة الذين ليس معهم من الإيمان إلا الشيء اليسير جداً يعذبون على قدر معاصيهم وذنوبهم إلى أن يصيروا حمماً، فحم، ثم بعد ذلك هذه الأجساد التي صارت فحم تطرح على النهر، يقال له: نهر الحياة في الفردوس في الجنة، تحيا به، تحيا بمائه، ينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، الحبة ما هي بحبة، الحبة نوع من النبات، حتى لما قالها النبي -عليه الصلاة والسلام- قال بعض الحاضرين كأنه من أهل البادية؛ لأن هذا النوع ما يعرفه كل الناس، كما تنبت الحبة في حميل السيل، ولذا قال:

على النهر في الفردوس تحيا بمائه ... كحب حميل السيل إذ جاء يطفحُ

السيل إذا جاء .. ، التي تنبت على جنب الوادي، فإذا جاء السيل ومشى مع الوادي نبتت، فهؤلاء الذين يخرجون.

وقل: يخرج الله العظيم بفضله ... من النار أجساداً. . . . . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015