المقصود بهذا البيت أنه وجد من يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، ووجد من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، واللفظ مصدر يطلق ويراد به التلفظ، ويطلق ويراد به الملفوظ، فالمصدر يطلق على اسم المفعول كالحمل بمعنى المحمول، فإذا كان معنى اللفظ الذي هو المصدر بمعنى المفعول الذي هو الملفوظ به وهو القرآن صار هو عين كلام جهم، معناه أن القرآن مخلوق عنده، وإذا كان المقصود به التلفظ الذي هو فعل القارئ فاللفظ من عمل العبد {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [(96) سورة الصافات] فلفظه لفظ القارئ من عمله، وعمله مخلوق، وإذا كان المقصود باللفظ الملفوظ به وهو القرآن، فإذا قال: مخلوق صار حكمه حكم الجهمية الذين صرحوا؛ ولأن هذا اللفظ مجمل يحتاج إلى بيان، فإن إطلاقه على الإجمال ممنوع، ولذا نهى عنه الناظم -رحمه الله تعالى-، ولذا جاء عن الأئمة أنه قال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، وإن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع، وعلى كل حال هو موافق للمعتزلة على الحالين، إذا قال: لفظي بالقرآن والمراد به الملفوظ مخلوق وافق الجهمية والمعتزلة باعتبار قولهم أن القرآن مخلوق، وإذا قال: لفظي ويريد به التلفظ غير مخلوق وافق المعتزلة في أن العبد يخلق فعله، وليس بمخلوق لله -جل وعلا-، وعلى كل حال وعلى الاحتمالين اللفظ ممنوع، جاء تشديد الأئمة فيه، ووقع الخلاف القوي والنزاع بين الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- والإمام محمد بن يحيى الذهلي إمام من أئمة المسلمين، لكنه وقع في هذه المسألة، وقع خلاف وشقاق بينهما، فمثل هذا مما لا يجوز التلفظ به، لا لفظي بالقرآن مخلوق، ولا لفظي به غير مخلوق؛ لأنه ما من احتمال إلا ويرد فيه المنع على ما ذكرنا.

ولا تقل: القرآن خلق قراءةً ... فإن كلام الله باللفظ يوضحُ

كلام الله هو الملفوظ به، وهو المقروء، هو المتلو، وهو كلام الله -جل وعلا-، سواء حفظ في الصدور، أو قرئ وتلفظ به بالألسنة، أو كتب في الصحف، هو كله كلام الله -جل وعلا-، والصوت على ما يقول أهل العلم صوت القارئ، والكلام كلام الباري.

. . . . . . . . . ... فإن كلام الله باللفظ يوضحُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015