صلى الله عليه وسلّم - فقالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتحنَّثُ في غار حراء الليالي ذوات العدد، والتحنُّث التعبد ... " الحديث1.
والذي يسمع هذا الحديث يظن أن التفسير من عائشة - رضي الله عنها - في قولها "والتحنث التعبد" والواقع أن التفسير من الزهري - رحمه الله - وهو الآن مدرج في الحديث بدون بيان منه أنه مدرج، وهذا الإدراج يُراد به التفسير، والتفسير هنا لابد منه؛ لأن الحنث في الأصل هو الإثم، كما قال تعالى: {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} . [الواقعة: 46] . وإذا لم يُبين معنى التحنث لاشتبه بالإثم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يتعبد، والتعبُّد مزيلٌ للحنث الذي هو الإثم، فهو من باب تسمية الشيء بضده.
مثال الإدراج في آخر الحديث: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُرًّا محجلين من أثر الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غرته وتحجيله فليفعل" 2، فهذا الحديث إذا قرأته فإنك تظن أنه من قول الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولكن الواقع أن الجملة الأخير ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلّم وهو قوله: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل" بل هي مدرجة من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - والذي من كلامه صلى الله عليه وسلّم: "إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُرًّا محجلين من أثر الوضوء".
أما الجملة الأخيرة فقد أدرجها أبو هريرة - رضي الله عنه - تفقهاً