متين يحتاج إلى معاناة، ويحتاج إلى .. ، ولولا ذلك لصار الناس كلهم علماء؛ لأننا ابتلينا الآن بمن يكتب عن الدين، ومسائل الدين، وقواعد الدين، وقضايا الدين الكلية، الآن في الصحف، وفي غيرها من القنوات، في وسائل الإعلام يتطاولون على الدين، ويقولون: يالله هذا دينكم مبني على خلاف، هذا عجزتم تميزونه، اشلون تبنون عليه أحكام؟ نقول: نعم، وعلى العين والرأس، وهذا ديننا، ونحن من المسلمين {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [(33) سورة فصلت] يعتز بدينه، وهذه حكمة إلهية، وإلا كان الناس كلهم علماء، لولا وجود مثل هذه القضايا التي تحتاج إلى تعب، لكن هل تذبذبت الأمة؟ هل ضاعت الأمة على مر العصور؟ هل وجد عالم راسخ يقول: خلاص أنا ماني بطالب العلم بعد أن عرف؟ ما يمكن، لكن طالب العلم المبتدئ المتذبذب ما يدري وش يسوى؟ قد يترك، ولذلك ما كل الناس علماء، ولا كل الناس يصبرون على العلم، لكن من أدرك حقيقة الأمر استمر في طرقه، مهما قيل عن هذه الأمور.
والحسن المعروف طرقاً وغدت ... رجاله لا كالصحيح اشتهرت
فمثلاً حديث: ((لولا أن أشق على أمتي)) في طريقه محمد بن عمرو بن علقمة حفظه أقل من أن يصل إلى درجة رواة الصحيح، فحكموا عليه بالحسن، لم يقصر عن رتبة الحسن إلى الضعيف؛ لأن الرجل معروف روى أحاديث كثيرة، وتوبع عليها، ووفق عليها، يعني ما شذ، لكنه ليس من الحفاظ الضابطين المتقنين، فقصرت درجة حديثه من الصحة إلى الحسن، ووجد لحديثه ما يشهد له، فارتقى إلى الصحيح لغيره، ولذا قال الحافظ العراقي:
والحسن المعروف بالعدالة ... والصدق راويه إذا أتى له
طرق أخرى نحوها من الطرق ... صححته كمتن (لولا أن أشق)