يعني الخطابي ذكر قسم، والترمذي ذكر قسم، فالخطابي اقتصر على الحسن لذاته، والترمذي اقتصر على الحسن لغيره، وعلى كل حال المتأخرون استنبطوا تعريفاً جامعاً لكل نوع من نوعي الحسن، من خلال أقوال وتعاريف الأئمة المتقدمين؛ لأنه من خلال تعريف الأئمة المتقدمين يصعب أن تمييز الحسن من غيره، يعني لو كان عندك ثلاثة أولاد، ولد بار غاية في البر، والثاني عاق واضح العقوق، هل يختلف في تصنيف أن هذا ما شاء الله على خير عظيم وهذا على شر؟ نعم، لكن واحد دول يوم كذا، ويوم كذا، هذا إلي تبلش به، نعم إن أردت أن تدعو له ذكرت العقوق وأثر على قلبك، وإن أردت أن تدعو عليه ذكرت ما عنده من خير وفضل، وأحيان ينفع، مشكلة، هذا تصور إيش؟ الحسن الواقع بين هذين، يصعب أحياناً يزيد بره تستطيع أن تلحقه بالأول، وأحياناً ينقص، بحيث لو حصل وصية مثلاً، وصية: بيتي يسكنه البار من أولادي، العاق الذي ما في إشكال في عقوقه هذا لن يسكن، والبار الواضح البر هذا بيسكن، لكن الثالث: هذا الذي يوم كذا، ويوم كذا، ينطبق عليه الوصف وإلا ما ينطبق؟ هذا المتأرجح مثل الحسن عندنا هالحين، مثله، هل نقول: يلغى الحسن؟ نقول: ما يلغى يا أخي، موجود في اصطلاح الأئمة وتعبيراتهم، حكموا على أحاديث بأنها حسنة، فلا يمكن إلغاؤه، والمسألة إيش؟ اجتهادية، فتجدون هذا الحديث الذي حكم عليه بعض الأئمة بأنه حسن، اجتهد بعضهم وقال: صحيح، واستروح إلى هذا، ومال إليه، وقوي عنده من القرائن ما يقتضي ثبوته، بينما يجيء ثالث يقول: لا والله أنه أقل من الحسن، أنا واضح لي ضعفه، ولذا لا يستشكل الإنسان أن يجد في أحكام الأئمة في حديث واحد أن يحكم عليه بأكثر من حكم؛ لأن المسألة إيش؟ اجتهادية، ومسألة مبنية على القرائن التي تقتضي الثبوت أو عدم الثبوت.