ومنهم من قال: "أُفَ" بفتح الفاء مع تخفيفها، وقد قرأ بها ابن عباس. ووجهُ ذلك أنّهم أبقوا الحركة مع التخفيف أمارةً على أنّها قد كانت مثقَّلة مفتوحة، كما قالوا: "رُبَ"، فخففوها، وأبقوا الفتحةَ فيها دلالةً على أصلها، كما قالوا: "لا أُكلِّمك حَيْرِيْ دهْرٍ"، فأسكن الياء في موضع النصب، في غير الشعر, لأنّه أراد التضعيف في "حَيْرِيَّ دَهْرٍ". فكما أنه لو ادّغم الياء الأوُلى في الثانية، لم تكن إلَّا ساكنة، فكذلك إذا حُذفت الثانية تخفيفًا، أُقِرت الأولى على سكونها, لتكون أمارة، وتنبيها على إرادة الادغام، إذ مع الادغام لا تكون الأولى إلَّا ساكنةً، كذلك ها هنا، وقد ذكرنا طَرَفًا من ذلك في شرح المُلوكيّ.

وأمّا "أُمة" بتاء التأنيث، فلا أَعرفُها، وإن كانت قد وردتْ، فما أَقَلَّها! وإن كان القياسُ لا يأباها كلَّ الإباء؛ لأنّه إذا جار أن يدخلها ألفُ التأنيث، فيقال: "أُفَّي"؛ جار أن يدخلها تاؤه، لا فرقَ بينهما، فاعرفه.

فصل [أقسام أسماء الأفعال من حيث التعريف والتنكير]

قال صاحب الكتاب: وهذه الأسماء على ثلاثة أضرب: ما يستعمل معرفة ونكرة، وعلامة التنكير لحاق التنوين, كقولك "إيهِ", "وإيهِ", و"صَهْ", و"صَهِ", و"مَهْ",و "مَهِ" و"غاقِ", و"غاقٍ" و"أُفِّ", و"أُفٍّ", وما لا يستعمل إلا معرفة نحو: "بله" و"آمين", وما التزم فيه التنكير كـ"إيهاً" في الكف، و"ويهاً" في الإغراء، و"واهاً" في التعجب، يقال: "واهاً له ما أطيبه! " ومنه: "فداءٍ له فلانٌ" بالكسر والتنوين, أي ليفدك. قال [من البسيط]:

592 - مهلاً فداءٍ لك الأقوام كلهم ... [وما أثمر من مال ومن ولد]

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015