ومن العرب من يبدل هاءه همزة، فيقول: "أَيْهاتَ". قال جرير [من الكامل]:

أَيْهاتَ مَنْزِلُنا بِنَعْفِ سُوَيْقَةٍ ... كانت مُباركَةً منَ الأيامِ (?)

والهمزة قد تُبدَل من الهاء، قالوا: "ماءٌ"، و"شاءٌ"، والأصلُ: مَوَهٌ، وشَوَهٌ، وكان ذلك لضرب من التَقاصّ لكثرةِ إبدال الهاء من الهمزة. ألا تراهم قالوا: "هِنْ فعلتَ فعلتُ"، والمراد: "إن"، وقالوا: "هنرت الثَّوْبَ" في "أنرتُه"، وقالوا: "هرحتُ الدابّةَ"، والمراد: أرحتُها، فعوضوا الهمزة من الهاء لكثرة دخول الهاء عليها؟ وقالوا: "أيْهاكَ" فأبدلوا من الهاء الهمزة.

ولمّا حذفوا التاء من "هيهات" لما ذكرنا من إرادة تذكير لفظها، أدخلوا كاف الخطاب، فقالوا: "أيْهاكَ" على حدّها في "ذَاكَ"، و"النَّجاءكَ". ويجوز أن تكون الكاف اسمًا في محلِّ خفض بالإضافة، وتُخلَص "هَيْهَا" اسمًا معربًا بمعنى البُعْد. ويُؤنس بذلك قراءةُ من قرأ: "هيهاتٌ" بالرفع والتنوين في أحد الوجهين، وممّا يُؤنس باستعمالهم في هذا اللفظ اسما معربا قولُ رُؤْبَةَ [من الرجز]:

591 - هَيْهاتَ مِن مُنْخَرَق هيهاؤُه (?)

فهو كقولهم: "بَعُدَ بُعْدُه"، و"جُنَّ جُنُونُه"، للمبالغة. فـ "هَيْهَاءة"، "فَعْلالَةٌ" كـ"زَلْزالَة"، والهمزةُ فيه بدل من الياء؛ لأنه رباعي على ما تقدم، وقالوا: "أَيْهان"، و"أَيْهَا" كما قالوا: "هَيْهَانَ" و"هَيْهَا". وقوله: "إن المفتوحة مفردة" قد تقدم الكلام عليه إلى آخر الفصل.

فصل [معني "شتان"]

قال صاحب الكتاب: المعنى في "شتان" تباين الشيئين في بعض المعاني والأحوال, والذي عليه الفصحاء "شتان زيد وعمرو" و"شتان ما زيد وعمرو". وقال [من السريع]:

شتان ما يومي على كورها ... ويوم حيّان أخي جابر (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015