و"جَباذٍ" من "جبذتُ الشيء"، كأنها تجبِذهم، وليس "جَبَذَ" مقلوبًا من "جَذَبَ"، وإن كان في معناه. وإنّما هما لغتان، يقال: "جذب"، و"جبذ". ألا ترى أنّ تصرُّفهما بالماضي، والمستقبل، والمصدر، واسم الفاعل، والمفعول تصرُّفٌ واحدٌ، نحو: "جبذ يجبِذ، جَبْذًا فهو جابذٌ ومجبوذٌ"، كقولك: "جذب يجذِب جَذْبًا، فهو جاذبٌ، ومجذوبٌ"؟ وإذ تَساوَيا في التصرّف، لم يكن جعلُ أحدهما أصلًا، والآخرِ مقلوبًا منه بأوْلى من العكس. وإنّما قيل لها ذلك لجَبْذها الأرواح.

ومن ذلك قولهم: "ضَرامِ" للحرب عَلَمٌ لها، وهو من "أَضْرَمْتُ النارَ"، أي: أَجَّجتُها، يقال منه: "ضَرمْتُ النارَ"، و"أضرمتُ". و"ضَرِمَ الشيء" بالكسر: اشتدّ حَرُّه، والحربُ تشبَّه بالنار.

وقالوا: "كَلاحِ"، و"جَداعِ"، و"أزامِ" للسَّنَة، و"كلاح" من قولهم: "كلح الرجلُ كُلُوحًا، وكُلاحًا"، إذا كشر عن أنْيابه عُبوسًا، وتوصَف السنة المُجْدِبة بالكلوح، فيقال: "سنةٌ كالِحةٌ"، وربّما وصفوها بالمصدر مبالغةً، كما قالوا: "رجلٌ عدلٌ ورِضى"، قال لَبِيدٌ [من الرجز]:

575 - كان غِياثَ المُرْمِل المُمْتاحِ ... وعِصْمَةً في الزَّمَنِ الكُلاحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015