لِما ذكرناه من إرادةِ الإيجاز والمبالغة في المعنى، فـ "نَزالِ" أبلغُ في "المعنى" من "انْزِلْ"، و"تَراكِ" أبلغُ من "اتْرُكْ". وإنّما غُير لفظُ الفعل الواقعَةِ هذه الأسماءُ موقعه، ليكون ذلك أدَلَّ على الفعل، وأبلغَ في إفادة معناه، فـ "نَزالِ" بمعنى المُنازَلة، ولذلك كان مؤنّثا في قوله [من الكامل]:

وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أنْتَ إذا ... دُعِيَتْ نَزالِ ولُجَّ في الذُّعْر (?)

وهو اسمٌ لـ"نازِلْ". وأصلُه أنّه كان إذا التقى خَصْمان، نزلا عن ظهور خَيْلهما، وتَقاتلا، ثمّ اتُّسع فيه حتى قيل لكلِّ متحارِبَيْن: "متنازِلان"، وإن كان راكبَيْن.

وقالوا "تَراكِ" بمعنَى "اتْرُكْ". قال الشاعر [من الرجز]:

559 - تَراكِهَا مِن إبِلٍ تَراكِها ... أمَا تَرَى الخَيْلَ لَدَى أوْراكِها

وقالوا: "بَراكِ" بمعنَى "ابْرُكْ". يقال في الحرب: "بَراكِ بَراكِ"، أي: ابْرُكُوا واثْبُتوا، و"البرَاكاءُ": الثبات في الحرب والجِدُّ فيه. قال بِشْرٌ [من الوافر]:

560 - ولا يُنْجِي من الغَمَراتِ إلَّا ... بَراكاءُ القِتالِ أَوِالفِرارُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015