كأنه قال: اذهبْ تَنَح. فالكافُ في محلِّ خفض بحرف الجرّ، والتسميةُ وقعت بالجارّ والمجرور. ولذلك حُكي لفظهما، وجَرَيَا في التسمية مجرى الأصوات المسمى بها من نحوِ: "صهْ"، و"مَهْ".

وحكى أبو الخطاب أنّه سمع مَن يُقال له: "إلَيْكَ"، فيقول: "إليَّ"، كأنّه قيل له: "تَنَحَّ"، فقال: "أتَنَحى". لم يأت ذلك ألَّا في هذا الحرف وحدَه، فلا يُقال: "دُونِي" ولا "عَلَيَّ". وذلك من قِبَل أن بابَ هذا الأمرُ، فإذا قلت: "إليك"، فقال: "إليّ"، فقد جعل "إليّ" بمعنَى: "أتنحّى"، وهذا خبرٌ ليس بأمرٍ. وقد تقدم أن بابَ هذه الأسماء إنما الأمرُ للمخاطَب؛ لأن أمر المخاطب يُكتفى معه بشاهدِ الحال على ما سبق.

ومن قولهم: "دَعْ"، ومعناه: انْتَعِشْ، يقال ذلك للعاثر، أو لمَنْ أصابتْه حادثةٌ. قال الشاعر [من الطويل]:

527 - لَحَى الله قَوْمًا لم يقولوا لعاثِرٍ ... ولا لابْنِ عَم نالَهُ الدَهْرُ: دَعْدَعَا

وهو صوتٌ سُمي به، يُقال: "دَعْدَعْتُ بالمَعْز"، إذا دعوتَها، وهو مبني على السكون، وعلةُ بنائه كعلةِ "صَهْ"، و"مَهْ". فأمّا قولهم: "دَعَا لك"، و"دَعْدَعَا"، فهو مصدرٌ معربٌ، كقولهم: "سَقْيًا لك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015