قولنا: "صَهْ" أبلغُ في المعنى من "اسْكُتْ"، وكذلك البَواقي.

واعلم أن هذه الأسماء، وإن كان فيها ضميرٌ تستقِل به، فليس ذلك على حدّه في الفعل، ما فيها ألا ترى الفعل يصير بما فيه من الضمير جملةً، وليست هذه الأسماءُ كذلك، بل هي مع ما فيها من الضمير أسماءٌ مفردةٌ على حدّه في اسم الفاعل، واسم المفعول والظرفِ؟ والذي يدل على أن هذه الألفاظ أسماء مفردة إسنادُ الفعل إليها. قالَ زُهَيْر [من الكامل]:

514 - ولَنِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أنْتَ إذا ... دُعِيَتْ نَزالِ ولُجَّ في الذعْرِ

فلو كانت "نَزالِ" بما فيها من الضمير جملة، لَما جاز إسنادُ "دُعِيَتْ" إليها من حيث كانت الجمل لا يصح كونُ شيء منها فاعلًا. وإنما لم يصحّ أن تكون الجملةُ فاعلًا؛ لأنّ الفاعل يصحّ إضمارُه، والجملة لا يصحّ إضمارها؛ لأن المضمر لا يكون إلَّا معرفةً، والجمل ممّا لا يصح تعريفُها من حيث كانت معاني الجمل مستفادة. ولو كانت معرفة، لم تكن مستفادةً، فلما تَدافع الأمران فيها (?) وتَنافيا، لم يجتمعا.

والذي يدلّ أن هذه الألفاظ أسماءٌ أُمورٌ:

الأوّل منها: جوازُ كونها فاعلةٌ ومفعولةٌ، فمن الفاعل ما ذكرناه من إسنادِ الفعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015