البيت ليزيد بن مُفزغ، والشاهدُ فيه قوله: وهذا تحملين، جعل "هذَا" بمعنَى "الذي" موصولًا، و"تحملين" صلتَه، أي: والذي تحملينهُ طليقٌ. يصف أمْنَه بخُروجه عن ولايةِ عَبّادٍ، ويخاطب بَغلتَه، فقولُه: "عَدَسْ" زَجْرٌ للبغلة، كأنّه زجرها، ثم قال: ما لعبّادَ عليك إمارةٌ، أمنتِ. ويجوز أن يكون "عدس" اسمًا للبغلة نفسِها، سُميت بذلك؛ لأنه ممْا تُزجَر به، كما قال [من الرجز]:

512 - إذا حَمَلْتُ بِزتي على عَدَسْ

والصواب ما ذهب إليه أصحابُنا. وما تَعلقوا به لا حجّةَ فيه، فأمّا قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} (?) فالجارُّ والمجرور في موضع الحال، و"مَا" استفهامٌ في موضعِ رفع بالابتداء، و"تِلْكَ" الخبرُ، كما يكون الجار والمجرور صفةً إذا وقع بعد نكرة، نحوَ: "هذه عَصا بيَمِينك". وصفةُ النكرة تكون حالًا للمعرفة. وكذلك "تحملين" من قوله: "وهذا تحملين طليقُ"، فـ "هذَا" مبتدأ، و"طليق" الخبرُ، و"تحملين" في موضع الحال، والتقديرُ: هذا محمولًا طليقٌ. وأمّا قوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} (?)، فـ "أنْتم" مبتدأ، و"هؤلاء" الخبر، و"تقتلون أنفسكم" في موضع الحال، التقديرُ: ثم أنتم هؤلاء قاتِلِينَ أنفسَكم.

وذهب أبو العباس المبرّد إلى أنّ "هؤلاء" مُنادى، والتقدير: يا هؤلاء، فهو في موضعِ اسم مضموم، و"أنْتُم" مبتدأ، والخبرُ "تقتلون". ولو كان تقديرُ "هؤلاء الَّذين" كما ذهبوا إليه، لكان "تقتلون" بلفظِ الغيبة؛ لأنّ "الَّذي" اسمٌ ظاهر موضوع للغيبة. هذا هو الاْكثرُ، وربما جاء لا بلفظ الغيبة حملًا على المعنى دون اللفظ، نحوَ قوله [من الكامل]:

513 - وأنا الذي قتلتُ بَكْرًا بِالقَنَا ... وتركتُ مُرَّةَ غيرَ ذاتِ سَنامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015