قوله: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} (?)، والبارىءُ سبحانه يوصف بالعلم، ولا يوصف بالعقل، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: وتوقَع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤئث، ولفظُها مذكرْ، والحَمْلُ عليه هو الكثيرُ، وقد تُحمَل على المعنى- وقُرىء قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا} (?) بتذكير الأول، وتأنيث الثاني (?)، وقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (?). وقال الفَرَزْدَق [من الطويل]:

[تَعَش فإنْ عاهَدْتني لا تخونني] ... نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يا ذِئْبُ يَصْطَحِبانِ (?)

* * *

قال الشارح: اعلم أن "مَنْ" لفظُها واحدٌ مذكرٌ، ومعناها معنى الجنس لإبهامها تقع على الواحد والاثنين والجماعة والمذكر والمؤنث، فإذا وقعتْ على شيء من ذلك، ورددتَ إليها الضميرَ العائد من صلتها، أو خبرِها على لفظها نفسِها، كان مفردًا مذكّرًا؛ لأنه ظاهرُ اللفظ، سواء أردتَ واحدًا مذكرًا، أو مؤنثًا، أو اثنين، أو جماعةٌ. وإن أعدتَ الضمير إليها على معناها، فهو على ما يقصِده المتكلمُ من المعنى، فأمّا ما أُعيد إليه على اللفظ؛ فنحو قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (?) على حد قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ} (?)، وقوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (?)، {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (?)، وعليه أكثرُ الاستعمال. وأمّا ما أُعيد إليه على معناه في الجمع، فنحو قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (?)، {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ} (?). وأمّا ما أُعيد بلفظ التثنية، فنحو قول الفَرَزْدَق [من الطويل]:

تَعَش فإنْ عاهَدتني لا تَخُونُنِي ... نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطَحِبانِ (?)

ويُروى: "تَعالَ"، وقبلَه:

وأَطْلَسَ عَسّالٍ وما كان صاحبًا ... رَفَعْتُ لِنارِي مَوْهِنًا فأَتانِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015