قال الشارح: قد ذكرنا عدةَ الأسماء الموصولة، وقد تقدم الكلام على "الذِي"، و"التي"، وتثنيتهما، وجمعهما.
فأمّا الألفُ واللام، فتكون موصولة بمعنَى "الذي" في الصفة نحوِ اسم الفاعل، واسم المفعول، تقول: "هذا الضاربُ زيدًا"، والمراد: الَّذي ضرب زيدًا، و"هذا المضروبُ" والمراد الذي ضُرب، أو يُضرَب. وذلك أنهم أرادوا وصفَ المعرفة بالجملة من الفعل، فلمّا لم يُمكِن ذلك لتَنافِيهما في التعريف والتنكير، توصلوا إلى ذلك بالألف واللام، وجعلوها بمعنَى "الَّذي"، بأن نَوَوْا فيها ذلك، ووصلوها بالجملة، كما وصلوا "الذي" بها، إلا أنه لما كان من شأنها أن لا تدخل إلا على اسم، حوَّلوا لفظَ الفعل إلى لفظ الفاعل، أو المفعول، وهم يريدون الفعل. فإذا قلت: "الضاربُ"، فالألفُ واللام اسم في صورة الحرف، واسمُ الفاعل فعل في صورة الاسم. ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: "هْذا ضاربٌ زيدًا أمسِ"، فتُعمِلَه فيما بعده بل تُضيفه ألبتةَ؟ ويجوز أن تقول: "هذا الضاربُ زيدًا أمس"، فتُعمِلُه، لأنّك تنوي بـ "الضارب" الذي ضَرَبَ. ومتى لم تَنوِ بالألف واللام "الذي"، لم يحسن أن يعمل ما دخلا عليه، وصار كسائرِ الأسماء، ويؤيد ما ذكرناه أن الشاعر قد يُضطرَّ، فيُدخِل الألف واللام على لفظ الفعل من غيرِ أن ينقُله إلى اسم الفاعل، وما أقَلَّه! قال الشاعر [من الطويل]:
فيُستَخْرَجُ اليَربُوعُ من نافِقائه ... ومن جُحرِهِ ذِي الشيخَةِ اليَتَقَصَّعُ (?)
وقال الآخر [من الطويل]:
490 - يقول الخَنَا وأبْغَضُ العُجْمِ ناطِقًا ... إلى رَبهِ صَوْتُ الحَمارِ اليُجَدَّعُ