"العَمِيانِ"، لنقصِ تمكُنها وخروجِها إلى شَبَهِ الحروف. والحروفُ جامدة لا تصرُّفَ لها كتصرَّفِ المتمكنة، وأما حذفُ الياء وإسكانُها؛ فلضرب من التخفيف كحَذفهم لها في قوله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} (?) في قراءةِ كثيرِ فن القُرّاءِ. ومثلُه [من الكامل]:

488 - كَنَواحِ رِيشِ حَمامَة نَجْدِيَّةٍ ... ومَسَحْتِ باللثَتَيْنِ عَصْفَ الإثْمِدِ

وأمّا الألف واللام في "الذي" و"الَّتي"، وتثنيتِهما وجمعِهما، فذهب قومٌ إلى أنها زائدة للتعريف على حدّها في "الرجل"، و"الغلام"؛ لأنها معارفُ، والألف واللام مُعرِّفان، فكان إفادةُ التعريف بهما. والذي عليه المحققون أنهما زائدتان، والمرادَ بهما لفظُ التعريف لا معناه، والذي يدل أنهما ليستا لمعنى التعريف أمران:

أحدهما: أن الألف واللام في الموصولات زيادةٌ لازمةٌ، ولامُ التعريف لا نعرفُها جاءت لازمة، بل يجوز إِسقاطها، نحوُ: "الرجلُ" و"الغلامُ"، و"رجلٌ"، و"غلامٌ". ولم نجدْهم قالوا: "لَذ"، كما قالوا: "غُلامٌ"، فلمّا خالفتْ ما عليه نظائرُها؛ دل على أنها زائدة لغيرِ معنى التعريف، كما يُزاد غيرُها من الحروف.

والأمرُ الثاني: أنا نجد كثيرًا من الأسماء الموصولة مُعَراة من الألف واللام، وهي مع ذلك مُعرَّفةٌ، وهي "مَن"، و"مَا"، و"أيٌّ"، نحوُ قولك: "ضربتُ مَنْ عندك"، و"أخذتُ ما أعطيتَني"، و"لأُكْرِمَن أيهُمْ في الدار". فهذه الأشياءُ كلُها معارفُ، ولا ألفَ ولامٌ فيها كما كانتا في "الذي" و"الَّتي". وإنما تعرُّفُها بما بعدها من صلاتها، وإذا ثبت أن الصلة مُعَرِّفةٌ، لم يكن الألفُ واللام فيما دخلا فيه من الموصولات مُعرَّفة أيضًا؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015