جُمع، فالضميرُ أيضًا في النيّة، غيرَ أنّ له علامةً. والمذهب الأوّل؛ لأنّك إذا قلت: "الزيدان قاما"، فالألف قد حلّت محلّ "أبوهما"، إذا قلت: "الزيدان قام أبوهما". فلمّا حلّت محلَّ ما لا يكون إلّا اسمًا، وجب أن يكون اسمًا.
وتقول في المؤنّث: "هندٌ ضَرَبَتْ"، فالفاعلُ في النيّة، والتاء مُؤْذِنةٌ بأنّ الفعل لمؤنّثٍ. والذي يدل أنّها ليست اسمًا أشياء، منها: أنّك تقول: "هندٌ ضربتْ جاريتُها"، فترفع "الجاريةَ" بأنّها فاعلةٌ، ولو كانت التاء اسمًا، لم يجز رفعُ الاسم الظاهرِ؛ لأنّ الفعل لا يَرْفع فاعلَيْن، أحدُهما مضمرٌ، والآخرُ ظاهرٌ. ومنها أنّها لو كانت اسمًا، لكنتَ إذا قلت: "قامت هند"، فقد قدّمت المضمرَ على المظهر، وذلك لا يجوز. ومنها أنّك تقول في التثنية: "قَامَتَا"، فتجمع بين التاء، وضمير التثنية، فيلزم من ذلك أنّ يكون الفعلُ خبرًا عن ثلاثةٍ من غيرِ اشتراك، فإذًا لا فَرْقَ بين قولك: "قامت هندٌ"، و"هندٌ قامت" في كون التاء حرفاً. فإذا ثنّيتَ قلت: "الهندان قامَتَا"، فيكون كلفظِ المذكّر لمَا ذكرناه من أنّ التثنية ضربٌ واحدٌ.
فإنّ جمعت المؤنّثَ، قلت: "الهندات قُمْنَ"، فتكون النونُ اسمًا ضميرًا لهندات. فإنّ قدمتَ، وقلت: "ضربن الهنداتُ"، كانت حرفاً مُؤذِنةً بأنَّ الفعل لجماعةِ المؤنّث، كما قلنا في التاء إذا قلت: "قامت هندٌ". ومنه بيتُ الفَرَزدَق [من الطويل]:
444 - وَلكِنْ دِيافِىّ أَبُوهُ وأُمُّهُ ... بحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ