رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا} (?)، وقد يُطْلَق الكلام بإزاء المعنى القائِم بالنفس. قال الشاعر [من الكامل]:

28 - إِنّ الكلامَ لَفِي الفُؤادِ وإنّما ... جُعل اللِّسانُ عن الفُؤادِ دَليلا

فإذا كان اسمَ المعنى، كان عبارةَ عمّا يتكلّم به من المعنى؛ وإذا كان مصدرًا، كان عبارةً عن فعلِ جارحة اللسان، وهو المحصِّلُ المعنى المتكَّمَ به؛ وإذا كان اسمًا للمصدر، كان عبارةً عن التكليم، الذي هو عبارةٌ عن فعلِ جارحةِ اللسان. وممّا يُسْأَل عنه هنا الفرقُ بين الكلام، والقول، والكَلِمِ. والجوابُ: أنّ الكلام عبارةٌ عن الجُمَل المفيدةِ، وهو جنسٌ لها؛ فكلُّ واحدة من الجملِ الفعليّةِ والاسميّةِ نوعٌ له، يصدق إطلاقُه عليها، كما أنّ الكلمة جنسٌ للمفردات، فيصح أن يقال: كلُّ "زيدٌ قائمٌ" كلامٌ، ولا يقال: كلُّ كلامٍ "زيدٌ قائمٌ". وكذلك مع الجملة الفعليّة. وأمّا الكَلِمُ فجماعةُ "كلمةٍ"، كـ "لَبِنَةٍ"، و"لَبِنٍ"، و"ثَفِنَةٍ" (?) و"ثَفِنٍ". فهو يقع على ما كان جَمْعًا، مفيدًا كان أو غيرَ مفيدٍ. فإذا قلت: "قام زيدٌ" أو"زيدٌ قائمٌ"، فهو كلامٌ، لحُصولِ الفائدة منه. ولا يقال له: كَلِمٌ. لأنّه ليس بجمعٍ، إذ كان من جُزْأَيْن، وأَقلُّ الجمع ثلاثةٌ. ولو قلت: "إنّ زيدًا قائمٌ"، و"ما زيدٌ قائمٌ"، كان كلامًا من جهة إفادته، وتسمَّى كَلِمَا لأنّه جمعٌ.

وأما "القولُ " فهو أعمُّ منهما، لأنّه عبارةٌ عن جميع ما ينطق به اللسانُ، تامًّا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015