علْمُه، وحسنُه، وأدبُه"، ونحوُها من المعاني. فالثاني بدلٌ من الأول، وليس إيّاه، ولا بعضَه، وإنَّما هو شيءٌ اشتمَل عليه. والمرادُ بالاشتمال أن يتضمّن الأوّلُ الثانيَ، فيُفهَم من فَحْوَى الكلام أنّ المراد غيرُ المُبْدَل منه. وذلك أنّك لمّا قلت: "أعجبني زيدٌ"، فُهم أنّ المُعجِب ليس زيدًا من حيث هو لَحْمٌ ودَمٌ، وإنّما ذلك معنى فيه.

وعِبْرةُ الاشتمال أن تصحّ العِبارةُ بلفظه عن ذلك الشيء، فيجوز أن تقول: "سُلب زيدٌ"، وأنت تريد ثوبَه، و"أعجبني زيدٌ"، وأنت تريد عِلْمَه وأدبَه ونحوَهما من المعاني. قال الله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} (?)، فـ "النارُ" بدلٌ لأنّ الأُخدود مشتملٌ عليها. ومثله قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} (?)، فـ "القتالُ" بدلٌ من "الشهر الحرامِ"، وهو معنًى اشتمل عليه الشهرُ، وسُؤالُهم عن الشهر إنّما كان لأجلِ القتال فيه. ومن ذلك قول عَبْدَةَ بن الطبيب [من الطويل]:

425 - فما كان قَيْسٌ هُلْكُه هُلْكُ واحدٍ ... ولكنَّه بُنْيانُ قَوْمٍ تَهَدَّمَا

فهذا يُنشَد على وجهَيْن: بالرفع في "هلك واحد"، والنصبِ. فأمّا الرفعُ فعلى أن تكون الجملةُ خبرًا لـ"كَانَ". وأمّا النصبُ فعلى أن يكون المفردُ خبرًا لـ"كَانَ"، ويكون "هُلْكُه" بدلًا من اسمِ "كان". فأمَّا قول الآخر [من الوافر]:

426 - ذَرِينِي إن أمْرَكِ لَنْ يُطاعا ... وما ألفَيْتِنِي حِلْمِي مُضاعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015