لرجل، فرجلٌ ظريفٌ جُزءٌ للرجال الظرفاء، وهو أخصُّ من رجل، ألا ترى أنّ كلَّ رجل ظريف رجلٌ، وليس كلُّ رجل رجلًا ظريفًا. وقد تقدّم الكلام على شدّةِ اتّصالِ الصفة بالموصوف في مواضع من هذا الكتاب.

وقوله: "إلّا إذا كان فِعْلَ ما هو من سَبَبه" يعني أنّ الصفة إذا رفعتِ الظاهر، وكان الظاهرُ، من سببِ الموصوف؛ فإنّ الصفة تكون موحَّدة على كلِّ حال، وإن كان موصوفُها مثنَّى أوَ مجموعًا، نحو قولك: "هذا رجلٌ قائمٌ أخوه"، و"رجلان قائمٌ أخوهما، ورجالٌ قائمٌ أخوهم"؛ لأنّها هنا جاريةٌ مجرى الفعل إذا تقدّم، نحو قولك: "قام زيدٌ"، و"قام الزيدان". و"قام الزيدون". لمّا رفع الظاهرَ، خلا من الضمير. والتثنيةُ إنّما هي للضمير، لا للفعل نفسِه، فكذلك اسمُ الفاعل واسمُ المفعول إنما يُثنَّى كلُّ واحد منهما، ويُجمع، إذا كان فيهما ضميرٌ؛ وأمّا إذا خَلَوا من الضمير، فيكونان موحّدَيْن، وكذلك لا يُؤنَّثان إلّا أن يكون المرفوعُ بهما مؤنّثًا، نحو: "مررت بامرأةٍ ضاربةِ جاريتُها"، فإن كان الفاعل مذكرًا، ذكَّرتَ الفعل، نحو قولك: "هذه امرأةٌ ضاربٌ غلامُها", لأنّ الفعل للغلام، لا لامرأة، والفعلُ إنّما يتأنّثُ بتأنيث فاعله.

فأمّا الصفة التي يَستوي فيها المذكَّرُ والمؤنَّثُ، وذلك على ضربَيْن: منه ما يستوي فيه المذكّر والمؤنّث في سقوط علامةِ التأنيث، ومنه ما يستوي فيه المذكّر والمؤنّث في لزوم تاء التأنيث. فالأوّل، نحو: "فَعُولٍ" بمعنى "فاعلٍ"، نحو رجلٌ صَبُورٌ، وشَكُورٌ، وضروب، وامرأةٌ صَبور، وشكورٌ، وضروبٌ بمعنى صابرٍ، وصابرةٍ، وشاكرٍ، وشاكرةٍ، وضاربٍ، وضاربةٍ. كأنّهم أرادوا بسقوطِ التاء من المؤنّث هاهنا الفرقَ بين "فعولٍ" بمعنى "فاعل"، وبينه إذا كان بمعنى "مَفْعولٍ"، نحو: حَلُوبَةٍ، وحَمُولَةٍ. قال الشاعر [من الكامل]:

419 - فيها اثنتان وأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً ... سُودًا كخافِيَةِ الغُرابِ الأَسْحَمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015