قال الشارح: قد تقدّم في أوّل هذا الكتاب الكلامُ على أحكامِ هذه الأسماء الستّةِ إذا أضيفت إلى ظاهرِ، أو مضمرِ ليس بمتكلّم، بما أغنى عن إعادته. والذي يختصّ بهذا المكان بيانُ حُكمها إذا أضيفت إلى ياء النفس. وحكمُها إذا أضيفت إلى ياء النفس أن لا يعاد المحذوفُ، بل تُبقَى على حالها محذوفةَ اللام كما لو لم تُضِفْها، فتقول: "هذا أخِي، وأبِي، وحَمِي"، و"رأيت أخي، وأبي، وحمي"، و"مررت بأخي، وأبي، وحِمي"، كما تقول: "هذا أَخٌ، وأَبٌ، وحَمٌ"، و"رأيت أَخًا، وأَبًا، وحَمًا" و"مررت بأخ، وأبِ، وحَم". تحذف لاماتها في الإضافة إلى ياء النفس كما تحذفها في الإفراد. وإنما لم تُعِدْ لاماتِها في الإضافة إلى ياء النفس، كما تُعيدها إذا أضفتَها إلى غير ياء النفس في قولك: "أَخو زيدٍ" و"أَخُوكَ"؛ لأن حذفَ لاماتِ هذه الأسماء في حالِ الإفراد، إنّما كان لضرب من التخفيف على غير قياس، وإنّما أُعِيدَتْ حين أريد إعرابُها بالحروف للمعنى الذي ذكرناه، فكان إعادةُ ما هو منها أَوْلى من اجتلابِ حرفٍ غريبٍ أجنبىّ.
وأما إذا أضيفت إلى ياء النفس، فلا يظهَر فيها الإعرابُ, لأنه موضعٌ يلزمُه الإعلالُ بالقلب، وقد استمر فيه الحذف، فأمضي ذلك فيه، ولم يُردّ إليه ما كان يلزمُه من الإعلال.
وقد أجاز المبرد رَد اللام إذا أضيفت إلى ياء النفس، كإعادتها إذا أضيفت إلى غيرها، فيقول: "هذا أخِى، وأَبِن"، وأنشد [من الكامل]:
قَدَرُ أَحَلَّكَ ذَا المَجازِ وقد أَرَى ... وأَبِيَّ مالَكَ ذو المجَازِ بِدارِ
والشاهد فيه قولُه: "وأَبِيَّ" بياءِ مدّغَمة على إعادة اللام المحذوفةِ. ولا حُجةَ في ذلك لاحتمالِ أن يكون أراد جمعَ السلامة؛ لأنهم يقولون: "أَبٌ"، و"أَبُونَ"، و"أخٌ"،