رفعًا على الموضع، ويجوز أن يكون الجارُّ والمجرور بيانًا، لا صفة، ولا خبرًا على تقديرِ: أعْنِي. قال الشاعر [من الوافر]:
أبي الإِسلامُ لا أبَ لي سِواه ... إلخ
الشاهد فيه قولُه: "لا أبَ" على البناء، وتركيبِ النافي والمنفيّ وجَعْلِهما شيئًا واحدًا. ومعناه ظاهرٌ، يقول: إنّني لا أفتخِرُ بآبائِي وانتمائِي إلى قبائلِ العرب من قيس وتميم ونحوِهما، كما يفعل غيري، وإنّما افتخاري بالإِسلام، وكَفَى به فَخْرًا.
ويجوز أن تقول: "لا أبَا لزيدٍ"، و"لا أخَا لعمرٍو"، قال الشاعر [من البسيط]:
يا تَيْمَ تَيْمَ عَدِيٍّ لا أبَا لَكُمُ ... لا يُلْقِيَنَّكُمُ في سَوْءَةٍ عُمَرُ (?)
فيكون لفظُ الاسم بعد "لا" كلفظِ الاسم المضاف، و"لا" عاملةٌ فيه غيرُ مبنيّةٍ معه، كأنّك أضفتَ الاسمَ المنفيَّ إلى المجرور، فقلت: "لا أباك"، و"لا أخاك"، وهذا تمثيلٌ، ولا يُتكلّم به، وربّما جاء في الشعر. قال الشاعر [من الطويل]:
328 - وقد ماتَ شَمّاخٌ وماتَ مُزَرِّدٌ ... وأيُّ كَرِيمٍ لا أباك مُخَلَّدُ
وقال الآخر [من الوافر]:
329 - أبِالْمَوْتِ الذي لا بُدَّ أنَّي ... مُلاقٍ لا أباكِ تُخوَّفيني