كالنعت، ولا يجوز حذفُ المؤكَّد، وإقامتُه مقامَ المؤكَّد، فلا يكون إلّا بعد مذكورٍ، كما أنّ "إلّا" في الصفة كذلك.

فصل [حمل البدل علي محلّ الجارّ والمجرور لا علي اللفظ]

قال صاحب الكتاب: "وتقول: ما جاءني من أحد إلا عبد الله وما رأيت من أحد إلا زيداً, ولا أحد فيها إلا عمرو, فتحمل البدل على محل الجار والمجرور لا على اللفظ، وتقول ليس زيد بشيء إلا شيئاً لا يعبأ به. قال طرفة [من الكامل]:

312 - أبني لبينى لستم بيدٍ ... إلا يداً ليست لها عضد

وما زيد بشيءٍ لا يعبأ به, بالرفع لا غير.

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ من الحروف ما قد تُزاد في الكلام لضرب من التأكيد، وتختصّ زيادتُها بموضع دون موضع. فمن ذلك "مِنْ". قد تُزاد مؤكدةً، وتختصّ بالنفي، والدخولِ على النكرة لاستغراق الجنس، فتارةً تُفِيد الاستغراقَ بعد أن لم يكن، وتارة تُؤكِّده. فمثالُ الأوّل قولُك: "ما جاءني من رجلٍ"، فـ "مِنْ" أفادتِ العمومَ، واستغراقَ الجنس، لأنّك لو قلت: "ما جاءني رجلٌ"، جاز أنّ يكون نافيًا لمَجِيء رجل واحد، وقد جاءك أكثرُ. ومثالُ الثاني قولك: "ما أتاني من أحدٍ"،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015