برجل سواك"، كما تقولون: "بغيرك"، فما بالُكم فرّقتم بينهما؟ قيل: الوصفُ بـ "سوى" لا على حدّ الوصف بـ "غير", لأنّه لا يجري عليه في إعرابه، إنّما هو منصوبٌ على الظرف، والعاملُ فيه الاستقرارُ، وذلك الاستقرارُ هو الصفةُ، كما تقول: "مررت برجل عندي". وذهب الكوفيون (?) إلى أنّها إذا استُثني بها خرجتْ عن حكم الظرفيّة إلى حكم الاسميّة، فصارت بمنزلةِ "غير" في الاستثناء، واستدلّوا على ذلك بجَوَازِ دخولِ حروف الجرّ عليها، كما تدخل على "غير"، نحوَ قول الشاعر [من الطويل]:
تَجانَفُ عن جَوّ اليَمامَة ناقَتِي ... وماقصدتْ من أهْلِها لِسِوائكا (?)
وقال أبو دُؤادٍ [من البسيط]:
303 - وكلُّ مَن ظَنَّ أنّ المَوْتَ مُخْطِئُهُ ... مُعَلّلٌ بسواءِ الحَق مَكْذُوبُ
ولا دليلَ في ذلك، لقِلّته وشُذوذه، وامتناعِه من سَعَةِ الكلام وحالِ الاختيار، فهو من قبيل الضرورة.
وأمّا "حَاشَا" فهو حرفُ جرّ عند سيبويه (?)، يجرّ ما بعده، وهو وما بعده في موضعِ نصب بما قبله، وفيه معنَى الاستثناء كما أنّ "حَتَّى" حرفٌ يجرّ ما بعده، وفيه معنى الانتهاء، تقول: "أتاني القومُ حاشا زيدٍ"، و"ما أتاني القومُ حاشا زيدٍ"، والمعنى: سوَى زيدِ، قال الشاعر [من الكامل]:
304 - حَاشَا أبِي ثَوبانَ إنّ به ... ضنّا عن المَلْحاةِ والشَّتْمِ