حالًا، لأنّه اسمُ فاعل، واسمُ الفاعل قد يكون للحال. وليس كذلك الفعلُ الماضي، ولا الفعلُ المستقبَل، فلا يكون كلُّ واحد منهما حالًا.
واعلم أنّ الفعل الماضي إذا اقترن به "قَدْ"، والفعلَ المضارعَ إذا دخل عليه نافٍ، ووقع كلُّ واحد منهما حالًا، كنتَ مخيَّرًا في الإتيان بواو الحال، وتَرْكِها. تقول: "جاء زيدٌ قد علاه الشَّيْبُ"، وإن شئت قلت: "وقد علاه الشيبُ". ومثله قوله [من الطويل]:
وقد نَهِلَتْ منّا المُثَقَّفَةُ السُّمْرُ (?)
وذلك أنّ "قَدْ" تُقرِّب الماضيَ من الحال، وتُلحقه بحُكْمه، وهذه واوُ الحال، ولأنّه بدُخولِ "قَدْ" أشبهَ الجملةَ الاسميّةَ من حيث إِنَّ الجُزْءَ الأوّلَ من الجملة ليس فعلًا. وكذلك الفعلُ المضارعُ إذا دخل عليه النافي، جاز دخولُ الواو عليه وتَرْكُها، لِما ذكرناه من شَبَهها بالجملة الاسميّة من حيث صار أوّلُ جُزْء منها غيرَ فعل. قال الله تعالى في قراءة ابن عامرٍ: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (?) بتخفيف النون وكسرِها. فقوله: "لا تتّبعان" في موضع الحال، فهو مرفوعٌ، والنونُ علامةُ الرفع، وليس بنَهْيٍ لثُبوتِ النون فيه، ولا تكون نونَ التأكيد، لأنّ نونَ التأكيد الخفيفةَ لا تدخل فِعْلَ الاثنَيْن عندنا، والتقديرُ: فاسْتَقِيمَا غيرَ مُتَّبِعَيْنِ. ومثله قول الشاعر [من الطويل]:
291 - بِأَيْدِي رِجالٍ لم يَشِيمُوا سُيُوفَهم ... ولم يَكْثُرِ القَتْلَى بها حينَ سُلَّتِ