فموضعُ "قد نهلت" نصبٌ على الحال، والتقديرُ: "ناهِلةٌ". وربّما حذفوا منه "وَقَدْ" وهم يريدونها، فتكون مقدَّرةَ الوجود، وإن لم تكن في اللفظ. قال الشاعر [من الهزج]:
289 - وَطَعْنٍ كَفَمِ الزِّقِّ ... غَذَا والزِّقُّ مَلآنُ
والمراد: قد غذا. وقد تَأَوّلوا قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (?) على تقدير: "قد حصرت". ويؤيِّد ذلك قِراءةُ من قرأ: "حَصِرَةً" (?) بالنصب. وذهب الكوفيون (?) إلى جوازِ وقوعِ الفعل الماضي حالًا سواءً كان معه "قَد"، أو لم تكن. وإليه ذهب أبو الحسن الأخفشُ من البصريين، واحتجّوا لذلك بما تقدّم من النصوص. والمعني بالنصوص قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (?) وقول الشاعر:
وطعنٍ كفم الزقّ ... إلخ
ونحو قول الآخر [من الطويل]:
290 - وإنّي لتَعْرُوني لذِكّراكِ نُفْضَةٌ ... كما انْتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ