يصف غائضا غاصَ في الماء حتى انتصف النهار، ورفيقُه على شاطئ الماء لا يَدْرِي ما كان منه، فيقول: انتصف النهارُ على الغائص، وهذه حالُه. والهاءُ في "غامِرُه" ربطتِ الجملة بما قبلها حتى جرت حالًا، ومن ذلك قوله تعالى: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} (?)، والمعنى - واللَّهُ أعلمُ- يغشى طائفةً منكم في هذه الحال، وأمّا قول امرئ القيس [من الطويل]:

286 - وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها ... بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأوَابِدِ هَيْكَلِ

فموضعُ الشاهد أنّه جعل الجملةَ التي هي: "والطيرُ في وكناتها" حالًا مع خُلُوِّها من عائدٍ إلى صاحب الحال اكتفاء برَبْط الواو. فهذه الواو، وما بعدها في موضع نصب على الحال بما قبلها من العوامل التي يجوز بها نصبُ الحال، وإذا قلت: "جاء زيدٌ وثوبُه نظيفٌ" [كانت] (?) في موضع "جاء زيدٌ نظيفًا ثوبُه"، فكما أنّ "نظيفًا" نُصب بما قبله من الفعل، فكذلك الجملةُ الواقعةُ موقعَه في موضعِ منصوب، والعاملُ فيها ذلك الفعلُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015