وأمّا قولهم: "رأيتُ زيدًا مُصْعِدًا منحدِرًا"، و"رأيتُ زيدًا ماشيًا راكبًا" إذا كان أحدُهما مصعدًا والآخر، راكبًا، فالمراد أن تكون أنت المصعدَ، وزيدٌ المنحدرَ، فيكون "مصعدًا" حالًا للتاء، و"منحدرًا" حالًا لزيد، وكيف قدّرتَ بعد أن يعلم المخاطَبُ المصعدَ من المنحدر، فإنّه لا بأسَ عليك بتقدُّمِ أيِّ الحالَيْن شئتَ.

واعلم أنّه قد يكون للإنسان الواحدِ حالان فصاعدًا، لأنّ الحال خبرٌ، والمبتدأُ قد يكون له خبران فصاعدًا، فتقول: "هذا زيدٌ واقفًا ضاحكًا متحدِّثًا". ولا يجوز ذلك إن تَضادَّت الأحوالُ، نحوَ: "هذا زيدٌ قائمًا قاعدًا"، كما لا يجوز مثلُ "هذا زيدٌ قائمٌ قاعدٌ". فإن أردتَ أن تسبِك من الحالَيْن حالًا واحدةً، جاز، كما يجوز أن تسبك من الخبرَيْن خبرًا واحدًا، فتقول: "هذا الطَّعامُ حُلْوًا حامِضًا"، كأنّك أردتَ: هذا الطعامُ مُزَّا، فسبكتَ من الحالَيْن معنًى، كما تقول في الخبر: "هذا حُلْوٌ حامضٌ".

فصل [عامل الحال]

قال صاحب الكتاب: "والعامل فيها إما فعل وشبهه من الصفات, أو معنى فعل,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015