فلمّا حُذفت اللام، وكان موضعها نصبًا، تعدّى الفعلُ بنفسه، فنَصَبَ، كما يُقال: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} (?)، و"استغفرتُ اللَّهَ ذَنْبًا". فاللام هنا بخلافِ واوِ المفعول معه، فإنّه لا يسوغ حذفُها. لا تقول: "استوى الماءُ الخشبةَ"، وذلك لأنّ دلالةَ الفعل على المفعول له أقوى من دلالته على المفعول معه. وذلك لأنّه لا بدّ لكلّ فعل من مفعولٍ له سواءً ذكرتَه أو لم تذكره، إذ العاقلُ لا يفعل فعلًا إلّا لغرضٍ وعلَّةٍ. وليس كلُّ مَن فعل شيئًا يلزمَه أن يكون له شريكٌ، أو مصاحِبٌ.

وقد يُحذف المصدر، ويُكتفى بدلالة اللام على العلّة، فيُقال: "زرتُك لزيدٍ" و"قصدتُك لعمرٍو"، ولا يجوز حذف اللام والمصدرِ معًا، فتقولَ في "قصدتُك لإكرامِ زيد": "قصدتك زيدًا"، وأنت تريد: لزيد، لزَوالِ معنَى العلَّة. وربّما أوْقَعَ في بعض الأماكن لَبْسًا بالمفعول به. ألا ترى أنّك إذا قلت: "جئتُ زيدًا"، وأنت تريد لزيد، التبس بالمفعول به؟

وقوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} (?) فـ "حذرَ الموت" نصبٌ لأنّه مفعولٌ له، وكذلك موضعُ "من الصواعق" نصبٌ على المفعول له، أي: من خوف الصواعق, لأنّ "مِنْ" قد تدخل بمعنى اللام، فتقول: "خرجت من أجْلِ زيدٍ"، "ومن أجْلِ ابتغاءِ الخير"، و"احتملتُ من خوف الشَّرّ". قال الشاعر [من البسيط]:

270 - يُغْضِي حَيَاءً ويُغْضَى من مَهابَتِه ... فلا يُكَلَّمُ إلَّا حِينَ يَبْتَسِمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015