شأنُك"، و"ما لك" بمنزِلة "ما تصنع"، فصار كأنّك قلت: "ما صنعتَ وزيد". ولزم النصبُ ها هنا، لأنّه قد كان فيما يُمْكِن فيه العطفُ جائزًا، نحو قولك: "ما شأنُ عبدِ الله وزيدًا"، و"ما لزيدٍ وأخاه"، فصار هنا لازمًا، وهو من قبيلِ أَحْسَنِ القَبِيحَيْن، لأنّ الإضمار والحَمْلَ على المعنى فيه ضُعْفٌ مع جوازه، والعطفُ على المضمر المخفوضِ ممتنعٌ، فصار هذا كما لو تقدّمتْ صفةُ النكرة عليها من نحو [من مجزوء الوافر]:
265 - لِمَيَّةَ مُوحِشًا طَلَلٌ ... [يلوحُ كأنَّه خِلَلُ]
لأنّ الحال من النكرة ضعيفٌ، وتقديمُ الصفة على الموصوف ممتنعٌ، فحُمل على الجائز، وإن كان ضعيفًا كذلك ها هنا، وأمّا قول الشاعر [من الوافر]:
فَمَا لك والتلدُّدَ حَوْلَ نَجْدٍ ... وقد غَصَّتْ تِهامَةُ بالرِجال (?)
البيت لمِسْكِينٍ الدارِميّ، والشاهدُ فيه نصبُ "التلدّد" بإضمارِ فعل تقديرُه: ما تصنع وتُلابِس التلدّدَ. والمعنى: ما لك تُقِيم بنجدٍ تتردّد فيه مع جَدْبها، وتترُك تُهامةَ مع لَحاقِ الناس بها لخُصْبها. والتلدّد: الذَّهابُ والمَجِيءُ حَيْرَةٌ.
ومنه قولهم: "حسبُك وزيدًا درهمٌ"، و"كَفْيُك" و"قَطْك" في معنَى "حَسْبُك"، كلُّه منصوبٌ، لأنّه يقبحُ حملُه على الكاف، لأنّها ضميرٌ مجرورٌ، فحُمل على المعنى، إذ