ومنه زيداً مررت به، وعمراً لقيت أخاه، وبشراً ضربت غلامه، بإضمار جعلت على طريقي ولا بست وأهنت قال سيبويه (?): النصب عربي كثير والرفع أجود".
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ هذا الضرب يتجاذبُه الابتداءُ والخبر والفعلُ والفاعل، فإذا قلت: "زيدًا ضربتُه"، فإنّه يجوز في "زيد" وما كان مثلَه أبدًا وجهان: الرفعُ والنصبُ. فالرفع بالابتداء، والجملةُ بعده الخبرُ. وجاز رفعُه لاشتغال الفعل عنه بضميره، وهو الهاء في "ضربتُه"، ولولا الهاءُ لم يجز رفعُه لوقوع الفعل عليه. فإن حذفتَ الهاء وأنت تريدها، فقلت: "زيدٌ ضربتُ" جاز عند البصريين على ضُعْفٍ، لأن الهاء، وإن كانت محذوفة، فهي في حكم المنطوق بها. قال الشاعر [من الرجز]:
245 - قد أصبحتْ أمُّ الخِيار تَدَّعِي ... عليَّ ذَنْبًاكلُّه لم أَصْنَعِ
والنصب بإضمارِ فعل تفسيرُه هذا الظاهرُ، وتقديرُه: ضربتُ زيدًا ضربتُه، وذلك أنَّ هذا الاسم، وإن كان الفعل بعده واقعًا عليه من جهة المعنى، فإنّه لا يجوز أن يعمل فيه من جهة اللفظ من قِبَل أنّه قد اشتغل عنه بضميره، فاستوفى ما يقتضيه من التعدّي، فلم يجز أن يتعدّى إلى "زيد"؛ لأن هذا الفعل إنّما يتعدّى إلى مفعول واحد لا إلى مفعولَيْن. ولمّا لم يجز أن يعمل فيه، أُضمر له فعلٌ من جنسه، وجُعل هذا الظاهر تفسيرًا له.
ولا يجوز ظهورُ ذلك الفعل العامِل، لأنّه قد فسّره هذا الظاهرُ، فلم يجز أن يُجْمَع