أصبتَ القرطاسَ على طريق التفاؤُل والحَدْسِ لصحّةِ التسديد. فكذلك إذا رأيت رجلًا قاصدًا مكانًا وطالبًا أمرًا، قلت: "مرحبًا وأهلًا وسهلًا"، أي: أدركتَ ذلك، وأصبتَه، فحذفوا الفعل لكثرة الاستعمال، ودلالةِ الحال عليه.

ويقول الرادّ: "وبِكَ وأهلًا وسهلًا"، فإذا قال: "وبك وأهلًا وسهلًا"، فكأنّه لَفَظَ بـ "مرحبًا بك وأهلًا وسهلًا"، ولذلك عطف. وإذا قال: "وبك أهلًا"، فإنّما اقتصر في الدعاء على الأهل فقط من غيرِ أن يعطِفه على شيء قبله، كأنَّ الرُّحْب والسَّعة قد استقّرا استقرارًا يغْنِيه عن الدعاء. فإذا رددتَ، فإنّما تعني أنّك لو جئتني لكنتَ بمنزلةِ من يقال له هذا، إذ لا يحسن أن يقول الزائر للمزور: "أهلًا"، لأن الحال لا تقتضي من الزائر أن يصادِف عنده المزورُ ذلك، وإنّما جئتَ بـ "بك" في قولك: "وبك وأهلًا" لِيتبيّن أنّه المعنيُّ بالدعاء لا لأنّه متّصل بالفعل المقدّر كما كان في قولك: "سَقْيًا لك" كذلك، وتقديرُه: سقاك اللهُ سَقْيًا ولَكَ، كأنّه قال: "هذا الدعاءُ لك"، فيجيء "لَكَ" على تقدير آخَر لا على تقديرِ: سقاك الله.

ومن العرب من يرفع، فيقول: "مرحبٌ وأهلٌ"، أي: هذا مرحبٌ، فيكون "هَذَا" مبتدأً محذوفًا، و"مرحب" الخبرَ. قال طُفَيْلٌ الغَنَويّ [من الطويل]:

242 - وبالسَّهْب مَيْمُونُ النقِيبَةِ قولُه ... لمُلْتَمِسِ المعروفِ أَهْلٌ ومَرْحَبُ

قال سيبويه (?): ومنهم من يرفع، فيجعل ما يُضْمَر هو ما يُظْهَر. يريد أنّه إذا رفع أضمر مبتدأً، فيكون ذلك المبتدأ هو الخبرَ المظهَر في المعنى بخلافِ ما إذا نصبتَ، لأنّك في حال النصب تُضْمِر فعلًا، والفعلُ ليس بالاسم الظاهر.

وقالوا: "إن تأتِني فأهلَ الليل، وأهلَ النهار" على معنَى "فإنّك تأتي أهلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015