فجمع لضرورة بين "يا" و"الميم". وذهب الفرّاء من الكوفيين إلى أنّ أصله "يا اللهُ أُمَّنَا بخَيْرٍ"، إلاَّ أنّه لمّا كثُر في كلامهم، واشتهر في ألسِنتهم، حذفوا بعضَ الكلام تخفيفًا كما قالوا: "هَلُمَّ". والأصلُ: هَا الْمُمْ، فحذفوا الهمزةَ تخفيفًا، وادّغموا الميم في الميم، كما قالوا: وَيْلُمِّهِ. والأصل: وَيْلٌ لأمّه، وإنما حذفوا، وخفّفوا. وهو قولٌ واهٍ جدًّا لوجوهِ: منها أنّه لو كان الأمر كما ذكروا، لَمَا حسُن أن يُقال: "اللَّهُمَّ أُمَّنَا بخير"، لأنّه يكون تكرارًا، فلمّا حسُن من غير قُبْحٍ دل على فَسادِ ما ذهب إليه. وأيضًا فإنّه لو كان الأمر على ما ظنّ، لَمَا جاز استعمالُه في المَكارِه، نحو: "اللَّهُمَّ أهْلِكْهم، ولا تُهْلِكْنا، لأنه يكون تَناقُضًا. قال الله تعالى: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (?)، مع أنَّه لو كانت الميمُ أصلاً من الفعل، لمٍ يحتج الشرطُ إلى جوابٍ في الآية، ولَسدّت مَسَد الجواب. فلمّا افتقرت إلى جواب، وأجيبت بالفاء، دلّتْ على أنّها زائدةٌ، وليست من الفعل. واعلم أن سيبويه (?) لا يرى نَعْتَ "اللَّهُمَّ" لأنه لفظٌ لا يقع إلاَّ في النداء، فهو في منزلةِ "يا هَناهْ"، و"يا مَلْكَعانُ" و"فُلُ"، وليس شيءٌ من هذا يُنْعَتُ (?). وخالَفَه أبو العبّاس في ذلك، وقال: إذا كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015